الفن والثقافة والتراث هوية الشعوب ... فلنحافظ على تراثنا الفلكلوري الكردي ..... لمتابعة آغاني الملاحم الكردية والتراثية اضغط هنا  ::::   أحبتي زوار موقع تيريج عفرين ..... قريباً سيعود الموقع إلى نشاطه السابق . ::::   آخر لقطات بعدسة تيريج عفرين .... شاهد الصور  ::::    شاهد الآن كليب تيريجن عفرين 4.... تيريج روج آفا - الجزء الرابع  ::::    الوديان في منطقة عفرين ... اقرأ المزيد  ::::    سياحة من تراثنا الشعبي ..... المضافات في منطقة عفرين ودورها الاجتماعي  ::::   أهلا بكم في موقع تيريج عفرين ....... Hûn bi xêr hatin :::: 
EN
Fri - 29 / Mar / 2024 - 4:05 am
 
 
http://www.tirejafrin.com/site/bayram.htm
الزاوية الأدبية »
من هو الشيخ حسين بن علي ؟

" شيخ حُوسَيْنِيْ كُورْكَا "

� كَثُر الحديث عن هذا الرجل .. بين : مريدين له من جانبٍ ، وناقدين أو مجاملين أو حُسَّادٍ من جانبٍ آخر.

وَجَدتُهُ أول مرة وأنا يافع .. وهو يُطِلُّ على ساحة قريتنا .. في وقت كان والدي مع الشيخ وثلة من وجهاء القرية ؛ يسعون في إحلال المصالحات بدل المخاصمات في المحيط الاجتماعي. 

� حكمة الشيخ سيفه القاهر للخصم .

وفيما يلي دلالاتٌ على ذلك :

أولا ـ موقفه من صاحب وجاهةٍ .. بادره في المجلس ، وهو ينفث سُمَّه مستفسراً :

ـ لماذا ..أنتم الشيوخ .. تستقبحون اللـِّقاءَ الحُرَّ بين الجنسـين ، وتحاربونه باسم الزنى ؟.

أجاب الشيخ : لأنَّ ديننا يحرمه .

ـ يا شيخ ؛ الله خلق هذا لهذا ، وهو حَقٌّ ونعمـة كبيرة ، فلِـمَ التحريم ؟!.. أريد منك إجابة مقنعة ؟.

 ـ أجاب الشيخ برَزَانـَتِهِ : ما موقفـُكَ ، وأنتَ تعود إلى دارك ليلاً ، وتدلف إلى غرفة نومك ، وِترى غريبًا مع زوجتك .. وعلى سريرك ؟!.. 

ارتبك الوجيهُ متمتمًا : لا .. والله يا شيخ .. والله سـ ... فعلاً ؛ الزنى حـرام .. حـرام حـ...ـرام .

ثانيا ـ دَعَاهُ الوَجيهُ : عارف آغا غباري إلى وليمةٍ على شرفه .. في قريته جلبر .. وبعد السمر الطويل في مضافته بالأحاديث الحلوة والمتنوعة .. التي كانت تشدُّ آذان الحضور بلهفٍ بتشوُّقٍ بهيج .

وكم كانت حكمته داحضة ؛ عندما طرح عليه عارف آغا سؤاله :

ـ يا شيخ حسين ؛ كيف تستطيع تدبيرَ أمور معيشتِكَ ، وتأمين أرزاقك وحاجات أهلـك ، وأنتَ متنقلٌ أبدا بين الناس في حَلِّ مشاكلهم ، ومشغولٌ بمصالحاتهم ، ولـَمِّ شَمْل المتفرقين منهم .. إضافة إلى كثرة أذكاركَ وعباداتكَ .. مع اهتماماتك الطويلةِ بمريديك .. ؟!!.

ويشاء القدرُ ؛ أنْ يصادفَ استفسارَهُ دخولُ أجَـرَاءِ الوجيه : عارف آغا ... بمائدة الضيافةِ

العامرة للشيخ ، يضعونها أمامه في صدر المجلس ..

فيُمْعِنُ الشيخُ نظرَهُ في أحد المُشرفين على تـَقديم المائدة ، فأومَـأ إليه مستفسرًا من عارف آغا : مَنْ يكون هذا الشخص ؟.   

أجاب الوجيه بتواضعٍ مفرط : إنه المختصُّ بإعداد القهوة وتقديمها لضيوفي .

ـ عقـَّب الشيخ قائلا : كيف يدير هذا الرجلُ شؤونَ أسرته ، وتوفير معيشتهم وأرزاقهم ، وهو مستمر في مضافتك ؟.

ـ يجيبه عارف آغا بابتسامةٍ موحيةٍ : أنا الذي أتكفل كلَّ ما يحتاجُهُ هذا الرجلُ وأسرته في أمور معيشته .. يا سيدنا الشيخ ؛ مادام مستمرًا في خدماته تجاه مضافتي .

ـ يردفه الشيخ بعفوية : إذن أنت المكلـَّفُ بتوفير كل ما يحتاجه هذا الإنسان ، وأنت مخلوقٌ مثلـُه .. لقـَاء خدماته لـَكَ .. فكَيْـف .. وأنا أمضي وقتي كلـَّه في خدمة مصالح عبـاد الله تعالى .. الغـَنِيِّ الكريم الرزَّاق الرحيم ..

فهو .. هو الذي يُدَبِّرُ معيشتي ؛ لأنني أخدم إرادته في خلقه . أليس اللهُ قادرًا على كفاية عبده المطيع لأمرهِ ؟!!...

ـ خجل عارف آغا .. وهو يقول معترفاً : اَيْ وَالله .. صحيح ..صحيح . فاستغفر رَبَّهُ من مسارعته ، واعتذر من الشيخ عن بادرته غير المرضيَّةِ .

ثالثا ـ كلٌّ وجيهٍ يسعى لِنـَيْل شرف ضيافة الشيخ ..

ومنهم : إبرامَيْ جلوسِي : وجيه قرية سنكا .

.. في ثنايا الحديث المتشعِّبِ مع الشيخ في مضافته ، يفاجئ إبرامَِيْ جلوسِي الشيخَ بالسؤال :

ـ يا شيخي لم أستضفك لوجه الله تعالى ، وإنما لغايةٍ في نفسي !.

ـ رَدَّ الشيخ : ولِمَ هذه الضيافة إذن ؟.

ـ لأعرف مقاصدكَ ونواياكَ مِنْ هذه المشيخة ، ومِنْ جَمْع المريدين مَِنْ حولك ، ولِحِسَابِ مَنْ تَعْمَلُ ؟!.

ـ وهل وصلتَ إلى نتيجة ؟.

ـ نعم يا شيخي الفاضل .. بعد كل المتابعات والملاحقات ؛ تبَيَّن لي أنك تبذل كلَّ جهودكَ ، وتقومُ بجميع أعمالك ؛ رجاءَ كَسْبِ رضى اللهِ U وحده ، دون ارتباطٍ بإنسانٍ ، أو مطمعٍ في دنيًا تصيبه .. هنيئًا لكَ ..!!.

ـ أنهىَ الشيخ حوارَهُ قائلاً : ولن تجد غير ذلك ، ما دمتُ حَيـًّا إن شاء الله .

رابعا ـ طـُلِبَ مِنَ الشيخ ، وأمثالِهِ في المنطقة ، الحصولُ على ترخيص يسمح بزيارة الناس له وحضور مجالسه .

å ابتسم الشيخ ، وبدأ يحكي قصة :

كان اللقلقُ كعادته يتبختر في مشيته متنقلا من مكان إلى آخر في غابةٍ .. غير مكترثٍ بما يدور حوله .. لِمَا يَتَمَتعُ به من حصانة .. عدم الاعتداء عليه ؛ لِمَيِّزاتٍ محبوبةٍ فيه " ... وما هي إلا لحظاتٌ ؛ حتى سُمِعَ صوتُ بندقيةٍ ، وفوجئَ اللقلق ُبرصاصة صيادٍ تجتاز بين ساقيه الطويلتين !.

فيتساءَلُ اللقلقُ في نفسه : ماذا يريد هذا الصياد العابث من صيدي .. لحمي غيرُ مأكول ، وريشي غير مرغوب فيه ، وحتى هيكلي .. لا يناسبه التصبيرُ في صدر المجالس !!..

فكـَّرَ اللقلق طويلا .. وفكـَّرَ .. وفكـَّرَ .. فلم يصل إلى معرفة أيِّ غايةٍ تبَرِّرُ لهذا الصياد صيدَهُ .. فما كانت النتيجة إلاَّ أنْ تميَّزَ حَسْرَةً من العبثيَّات .. فسقط ميتا من القهر .

ـ وأنتم .. هكذا تفعلون بنا .. يا ولدي . / أنهى الشيخ الموقف " وكأني به يقول له : أتريدون أن نتميَّز ألمًا .. كما اللقلق .. ؟!. " .

خامساً ـ لا أخفي .. بأنني من المُعْجَبين بشخصية صلاح الدين الأيوبي . ومن الغرابَةِ بمكانٍ !.. أنه كلما خطر في بالي تاريخُهُ الحافل بالمآثر البطولية الفريدة ، وخصاله الإنسانية الفذة ، ومواقفه النبيلة تجاه العدوِّ والصديق ، وانا أستعرض حركاته وسكناته على شاشةِ العقل ؛ غارقا في ذكراه .. حتى تحلَّ ملامحُ وجهِ الشيخ حسين في لقطاتٍ تخَيُّلِيَّةٍ عابرةٍ تغطي كثيرا تلك الصور البديعة .. ببهاء تواضعِهِ وعبق حلمه وكرمه .. تحت ظلال إيمان صلاح الدين .. وخاصة في قسمات وجهه مجامعُ السماحةِ وحسن مداراة الأمور .. إلى جانب المعاناة المهللة بإكليل الصبر .. في تحمُّلِ غوائل الناس بالصفح الجميل .. دونما إثارات لِمَنْ في حضرته .

� كلما ألتقِي بهِ ؛ أسأله : أستاذ كيف حالك ؟.

ـ يأتيني الجوابُ مُطربًا سمعي بصوت ملائكي .. ينساب كجَـدْول ماءٍ صافٍ في يوم ربيعي : كالسابق .. ( وَكْ بَرَيْ ) .

خصـالٌ فيـه

سادسًا ـ يُكرمُ كرَمَ مَنْ لا يخشى الفقر .. وكثيرًا ما يردد هذه العبارة : ليس الكرم بصرف الكـَمِّ ، وإنما هو الإنفاقُ في حدود المقدور .

كلما حاولتُ تنبيهه للانكماش عن كثيرين ممن يقصدون مجلسه ، وهم ليسوا أهلا للجلوس  بجواره الطاهر ، وعليه انتقاء الأخيار وذوي الفضل والصلاح .. ويجب أنَّ لا يستوعب صدرُكَ الرحيبُ بعضَ الناس الهوامش الذين جُبلوا بأصباغ اللوث والفساد والخبائث والرذائل .. فلا يليق بمجلسك وجودُ الغارقين في الضلالات والغوايات ...

رَدَّ بصوتٍ لطيفٍ جذابٍ يتقطرُ منه التواضع الآسر : يا محمد ؛ مثلي كمثل البحر المحيط .. أقبل ارتماءَ أيِّ صنفٍ من الناس .. فلعليِّ أزيد صالحَهُمْ محامدَ ، وأغسلُ عن طالِحِهم أدران الضلال !!..

å وعلى شاكلتي كان موقفه من المختار : أحمد سيدو .. الذي نبهه في نفس المسار ، فأجابه الشيخ قائلاً :

لولا وجودهم معي ؛ لارْتكبوا حماقاتٍ لا تقبلها الأرض ولا السماء .

å وكذلك كان التنغم على موسيقى الوتر البهيج ؛ يوم ما التقى به مختار قرية طرُندة : أحمد سيدو وسط مجموعةٍ من مريديه .

سَلم عليه المختار أحمد ، واستفسر عن أحواله وعن وجهة خروجهم .. أجابه الشيخ : نحن قاصدون أداءَ فريضة الحج .

تابع المختار حديثه النابـِذَ على عادته .. " بعد النظر إلى لِحَى المحيطين بالشيخ !!.." : لو فعلنا كذا وكذا بهم .. لكان كذا ..

ـ لِـمَ هذا الكلامُ يا مختار ؟!.

ـ أفاد المختار : ليس واحدٌ من هؤلاء أهلاً لرفقتكَ ، لأنهم أهل العبث .. ويحجُّون من أجلك .. غطاءً لعيوبهم ، وليس حبا في الله تعالى !!..

ـ صحيح كلامُـك يا مختار ، ولكن إذا كان اللهُ تعالى لا يمنعهم من حَجِّ بَيْـتِهِ الحرام ، فلماذا لا أقبلُ رفقتهم أملا في تهذيب نفوسهم وإصلاح أعمالهم مستقبلا !!..

سابعًا ـ جَمَعَتـْنِي الصدفة في داره مع غـَنِيٍّ من قريتنا .. وَوُضِعَتْ صينية الفاكهة من العنب والتين ، فاعتذر ذاك الغنيُّ عن تناول شيءٍ منها ، مُعَقـِّبًا الكلامَ بـ : قدمت هذا الصباح من مدينة حلب ، وأكلتُ الكثيرَ الكثيرَ من شجرة التين الكبيرة الموجودة في مفرق كفر جنة !!.. كما هي عادتي في أسفاري إلى حلب في موسم التين ، أوقفُ سيارتي جانبًا ، وأملأ معدتي من هذا التين اللذيذ !.. أليس فواكه البرية كلها حلال ؟!. أليس كذلك سيدي الشيخ ؟.

لم يجبْهُ الشيخ على تفاهة السؤال ، حتى كرره ثانية وثالثة .. 

ختم الشيخ حديثه المَمْجُوج قائلاً بصوت رخيم : حـ....ـرام .. فتب إلى الله ؛ لعله يتوب عليك !!..

ثامنا ـ حَدَّثَ الشيخ مرة :

 يُعَيْرني بعضُ ذوي الجاه .. بعدم وجود حملةٍ للشهادات العالية من بين زُوَّاري من المريدين وغيرهم .

دفعني الفضولُ إلى المبادرة يوما " أنا الكاتب عن الشيخ " .. دون انتظار جواب الشيخ على سؤال السائل .. فسبقته القـول : أنت صاحبُ الرأي السديد يا شيخي ، والمنطق السليم ، وبذرة الخير مغروسة فيك ، وكل عملٍ تؤديه ، تبتغي به صلاحَ الناس ابتغاء مرضاة الله U .. وكم من رُوَّاد المعارف في التاريخ .. لم يكونوا من حاملي الشهادات .. مثل : أرسطو ، وابن خلدون .. وعلى رأس الفضلاء محمد r .

فانبسطتْ أساريره ، وسكت عن الكلام المباح , وأظنه يحمل نفس الفكرة .. ولكن ؛ ليتني لم أستبقه الإجابة يومئذٍ .. لعله كان يبرِّرُ بما هو أدسم وأجمع للكلام .

ـ فأوردت له حديثَ أحد الأطباء من المنطقة .. وهو ينتقدني على مكوثي في عفرين طوال هذه الفترة .. دون الانتقال إلى حلب .. وفي ذلك كلُّ الإهمال لنفسي وأولادي .

فأعقب الشيخ قائلاً : كان يجب أن ترد عليه بالقول : وماذا أفعل في حلب ؟!.. , أتريد أن أترك خدمة الناس في بلدي ، كما آثرتم إهمالهم بالابتعاد عنهم !!..

تاسعا ـ طلب مني والدي بحرارة .. أن أوليَ أصدقاءَهُ بالأهمية والصِّلة والتقدير .. فأردف والدي قائلاً : حتى لو خُيِّرْتَ بين الاهتمام بي أو بهم ؛ فقدِّمْهم عليَّ ... أعقبت طلبه بالسؤال على سبيل الطرفة : وإن ماتوا ؟!.

ـ قال : اعتن بِخلفهم وبأولادهم . وكان الشيخ الجليلُ من بين مَنْ أوصاني بهم .

عاشرا ـ من غباء بعض الأغنِـياء المُحْدَثِين " ذوي الطـَّفْرة " : إطلاق اللسان بلا قيود ، والتلوُّنُ كالحرباء بلا حدود .

صَدَفَ وجودُ واحدٍ من هؤلاء من قريتنا ـ مالتْ له الدنيا يومًا ـ في مجلس الشيخ .

انتفـَشَ صاحبُنا الغنيُّ مُتصَدِّرًا المجلس ... وبدأ يخوض في سيرة أحد الوجهاء المشهورين للقرية " وقد طواه الثرى منذ سنين " .. حتى وصل به الأمر إلى وصفه بـ " .. المتجَبِّر .. الظالم " !!. قاطعه الشيخ قائلاَ : لم يكن كذلك !.. بلْ كان صالحاً .

فسرعان ما انقلب المنتفِشُ رأسًا على عقب .. من مهاجم إلى القول : نعم ، نعم كان صالحاً .

� وشخصٌ آخر من ذوي الطفرة في الغنى من قريتنا يتملق في حديثه معي ( فلتة لسان ، أو تحت السواهي دواهي ) قائلاً :

شيخ حسين إنسانٌ فريدٌ من نوعه ؛ طيبٌ صالحٌ تقِيٌّ  .. وجميعُ مَنْ يَهْفون إليه من قريتنا .. " وحتى أنا " .. ليس حبًا في اللهِ ، وإنما نتستر به .. تغطية لعيوبنا ، وتكملة لنواقصنا .. باستثنائك أنت ، يا محمد !.. فأنت الوحيد الذي تزوره وتكرمه بإخلاص وفي حبِّ اللهِ تعالى ، لا تشوبُهُ غاية مصلحية .. أنت رجل بكل معنى الكلمة ..

ثم تابع حديثه : .. اُنظر إلى شريكك عارف .. فقد خسر كل شيء ، وما زالت الانتكاسات تتوالى عليه .. كلُّ ذلك ؛ لأنه نقض عقدَ شراكةِ المعصرة معكَ ، ولم يَفِ إليكَ استحقاقك ، وأنا أيضا أشعر بجزءٍ من الوزر في هضم حقك !!. ياقارئي : " كيف تنظر إلى هذه النماذج ؟!!. "

حادي عشر ـ من أقواله وخلاله :

� اصبر على عدوك ، ولو خلال أربعين عاماً ؛ لابدَّ وأنْ ينصركَ اللهُ عليه ولو بعد حين .

� لا يغرَّنـَّك نقد الناقدين له ، فإنهم قوم جاهلون .. لأنَّ من أهمِّ شروط النقد ؛ المعرفة التامَّة للمنقود ، وإلاَّ فإنَّ مُجَرَّدَ النقد حماقة .. وما أكثر هذا الصنف !!. ولطالما يُعَضُّ صاحبه بفكـَّي الندامة والملامة .

� خذ لذلك مثلا : نخبة من حملة الشهادات في مجلس بقريتنا .. فينفرد أحدهم بالتلويح على الشيخ مجَرَّدًا عن كلِّ لباقةٍ .

ـ همستُهُ : هل تعرف الشيخ في سلوكه ومضمونه وأعماله ؟.

ـ فتخَنـَّسَ الناقدُ ، وانسحبَ من حلبة الصراع مخذولا مدحورا .

å فالشيخُ : حسين بن علي .. رائدٌ في حلمِهِ وتواضعه ، وصبره على جفوة الغِلاظ الشِّداد .. بلا حدود له .

ثاني عشر ـ سَـاقـَنِي واجبُ العيد إلى مسؤول التموين سابقا : محمد الأغا من قرية عَرَبَا إبَّانَ مرضه فأفاد :

ـ التقيتُ منذ ربع قرن بالشيخ منتظرًا في موقع كتخ .. قاصدًا قريته كـُركا . وبعد السلام والسؤال عن الحال والأحوال .. استدرك الشيخ مطمئنا : سنترافق سوية إذن .

وما هي إلاَّ لحظـَاتٌ ؛ حتى قدمت  سيارته " البيك آب " يقودها ابنه : علي ، وبجانبه والدته " زوجة الشيخ ".

فتوقعْتُ جلوسَهُ بجانب زوجته ، وصعدتُ إلى صندوق البيك آب من الخلف ، فكان العجب العجاب .. أنْ رأيت الشيخ ورائي يصعد . فاسحييت منه ، ورجوته الركوبَ بجوار زوجته وابنه من الأمام ؟!..

0 لا يا ولدي ؛ عليَّ الجلوس معك .. للاستئناس سوية طول الطريق ..

ـ هل تعلم يا أخي محمد ؛ أنَّ سماحته وتواضعَه استأسرا قلبي ، وسأبقى عمري عبدَ إحسانه

!!.. ، كما قال الشاعر :

أحسنْ إلى الناس تستعبدْ قلوبَهُم   فطالما استعبدَ الإحسانَ إحسانُ

0 بل أدهشني أكثر ؛ أَنْ كنتُ في ضيافة شخصٍ من كركا " قرية الشيخ " ، وكان واقعُ المجلس لا يتناسب مع وجود الشيخ الجليل فيه !!..

فلما التقيتُ به بعد ذلك .. أبدى اعتذارَهُ الشديد ، وهو يقول : يا محمد ؛ سمعتُ بوجودكَ في قريتنا بضيافة فلانٍ يوم كذا ( وهو يعلم صبغة مجلسنا يومذاك !!.. ) .. ولقد حاولتُ المستحيلَ أن أجد فرصة القدوم إليك ؛ ولكن الضرورات حالت دون ذلك ، فسامحني يا ولدي ، وسنلتقي قريبا إن شاء الله تعالى .

فكم كان خجلي شديدًا منه ، وهو يعتذر عن عدم زيارته لي !.. فكِدْتُ أذوبُ أمام عِظـَمِ سماحته .. حتى انفلتَ مِنْ لساني بعفويةٍ .. هذا الوعد : لقد طلـَّقتُ تلك المجالس طلاقا بائنًا ، يا شيخي الجليل ، إن شاء الله تعالى . 

� كان لقاءٌ ، وكانَ سؤال : مَحْمَدِي عگَيْلْ مِنْ قرية : دارگُرَيْ لِلشيخ :

ـ أريدُ أنْ أسألكَ سؤالاً .

ـ الأفضل .. أنْ لا تسأل . " وهو يعلم أنَّ سؤولٌ فضولِيٌّ ، ومن الصعب تراجعه عن سؤاله "

ـ يا شيخ .. قلْ لي ؛ أيُّهُمَا أفضلُ من الأخوَيْن : عـَا .. أم عـَز ؟. " وكلاهما من برمجة "

ـ قال الشيخ : عـَز أفضلُ من عـَا .. على الرغم من أنني لو حدَّثتك عن حادثةٍ كان عـَز بطلـَهَا .. لهجرتـَهُ إلى الأبد !!.

c dab إ.خ.ع/المعاني من : م.حنان

 ما أٌريد أن تعرفه عن صلاح الدين

 هو صلاح الدين بن أيوب شادي ، ولد سنة 532 هـ 1138 م بتكريت قرب مدينة الموصل في العراق . حيث كان والده أيوب " الملقب بـ : نجم الدين " والياً فيها . ثم انتقل إلى الموصل فبلاد الشام ، ليستلمَ ولاية بعلبك زَمَنَ : نور الدين زنكي .

رافق عمَهَ شيركوه بن أيوب " الملقب بـ : أسد الدين  إلى مصر سنة 1163م على كره منه ، لمؤازرة شاور وزير الخليفة : العاضد أبو محمد عبد الله , ثم أصبح وزير الخليفة . وبوفاته تَسَلـَّمَ الخلافة في  مصر . ولما مات نور الدين الزنكي ؛ وَحَّدَ مصر مع بلاد الشام .

كان صلاح الدين مسلماً تقيـًّا وَرِعًا مفعماً بالإيمان ، غير أنه لم يؤد ركنين من أركان الإسلام الخمسة !!.. لم يعط الـزَّكَاةَ .. ولم يَحُجَّ بيت الله الحرام .

0 إنَّهُ لَمْ يُزَكِّ ؟!.. لأنه لم يملك مالاً .. داراً .. عقاراً .. بستاناً ، لا قرية ولا مزرعة .. مات ، ولم يخلف في خزانته سوى دينارٍ واحدٍ و47 درهماً .

0 أما الحَجُّ ؟!..  فعلى الرغم من كونه عازماً كسائر المسلمين ؛ إلاَّ أنَّ انشغاله في مسؤولية الدفاع عن الأمة تجاهَ أعدائها ، والحفاظ على وحدتها وتماسكها .. من قيادة معركةٍ .. إلى إعدادٍ لأخرى ؛ حال دون الإتيان بهذه الفريضة ، حتى وافاه الأجل قبل تحقيق أمنية الحج .

لقد جمع صلاح الدين حوله نخبة من القادة الممتازين دون التقيد بالانتماء الديني أو العرقي . وإنما كان جَلاءُ الغزاةِ القاسمَ المشتركَ بينهم جميعًا .

كان صلاح الدين عادلاً في سلمه وحربه ، فاتخذه شِعَاراً ودِثاراً ، وكان مضربَ المثل لأيِّ سلطان يأتي بعده ؛ يشهدُ له أعداؤه قبل أصدقائه . فاحترمه القاصي والداني ، ومازال تاريخه حافلاً بتلك المآثر .

كلما زرتُ دمشقَ ، أُرانِي مندفعاً لزيارة قبر عظيم التاريخ .. في عصر حالكٍ عانت منه هذه الأمة .. أقف بإجلالٍ خاشع أمام ضريحه القديم .. مستعرضاً صوراً من حياته ، فأزداد توقيراً له أمام هول هذا المصير !!..

توقظني من انسيابي الغارق في التاريخ لوحة معلقة [ هذا ضريح السلطان صلاح الدين ، ولد من بطنٍ من أشرف بطون أُمهات الأكراد 1138 ] .

وما لفت نظري منذ سنوات وجودُ ضريحٍ أنيقٍ .. محاذٍ للضريح الأصلي .. مبنيٌّ بالرخام السماوي المزخرف .. شبيهٍ بضريح شاه جيهان في تاج المحل بالهند .. عجبتُ من هذا القبر المتطفـِّل القابع بجوار السلطان ؟!!..

غيَّبَتْ دهشتي ورقة كُتِبَ عليها :

هذا الضريح .. أوصى بإنجازه الملك الألماني : غليوم الثاني .. تكريماً وتعظيماً للسلطان صلاح الدين الأيوبي سنة 1889م .

لقد تشوَّقَ العظماءُ إلى جوارك يا صلاح الدين ، فهل افتقدك أبناؤك ؟!.

 كان متواضعاً حليماً . توجَّهَ يوماً إلى الله بصلاة ركعتين في الجمعة المشهودة .. داعياً .. مفوضًا أمرَهُ إلى Q Y.. عندما زاد تكالب الأعداء ، وتناهي إلى سمعه ؛ أنَّ الخلاف والعزوفَ عن القتال .. قد دَبَّ بين بعض قادته .. وبانتهاء الأزمة ؛ خاف القادة من بطش صلاح الدين ، لكنَّ حكمته اقتضت العفوَ عنهم ، والإفاضة بكرمه عليهم .

عرض عليه الملك : رتشارد ريكاردسون الملقب بقلب الأسد ملك إنكلترا أخته الثيِّب ، وابنة أخته البكر .. لتزويجها من أخيه الملك العادل ؛ إلا أن هذا الأمر لم يتم .

كان حياته مفعمة بالمواقف الإنسانية , وكذلك في فتوحاته ؛ وما أكثرها من مواقف . ولقد أحصيت المواقع التي فتحها ما بين عام 1187 – 11191 فكانت 83 موقعاً استراتيجياً .

كانت أوامره الصارمة عَدَمَ المَسَاس بالأهالي .. مهما كان انتمائهم في العقيدةً أو القوميةً ، خلافاً للفريق المقابل .

كانت هوايته كثرة التجوال بين الأطلاب " الفرق العسكرية " في الحرب ، و التقصي عن أحوال الجند .. وأحوال الأهالي وحيداً ، وحُبَّ الاصطياد . وهي نفس صفات ريتشارد .

إذ صادف في إحدى جولات ريتشارد في أحد الأوديه الفاصلة بين الفريقين المتحاربين .. أنْ التقى بفارس نِـدٍّ ، و دار القتال بينهما ، فبدأا القتال بالرماح .. ثم بالتروس فالسيوف .. ثم بالخناجر ... فكان التعادل نصيب الفريقين في أغلب الجولات . وانتهى بهما الأمر في نهاية المطاف ، أنْ جثم الفارس النـِّدُّ على صدر ريتشارد ، وحاول ريتشارد تناولَ الخنجر المُرْمَي على بعد سنتمترات من أنامله ، غير أن الفارس القابع على صدره صاح فيه قائلاً : ذلك محال , لأنك ترزح تحت جبل !! .. فعرفه ريتشارد .

ولما مرض الملك ريتشارد ؛ تقمَّصَ صلاح الدين دورَ طبيبه الخاص ..  وتوجه إليه بفواكه لبنان وثلجها ، وأشرف على علاجه من داء الحمى .

ولما تماثل قلب الأسد للشفاء ، أفصح للطبيب المشرف عن تقديره لصلاح الدين ، وشوقه لرؤيته على كريم خصاله وسجاياه .. في إيفاد طبيبه الخاص للوقوف على وعكته الصحية .

فرد عليه الطبيب قائلاً : إن رؤية الطبيبِ الخاصِّ للسلطان .. تُمَاثِلُ رؤيته تماماً .. فلم يفطن الملك مغزى كلام الطبيب ، إلا بعد مغادرته .

اتصل الفرنجة بأحد قواد صلاح الدين , وزينوا له فوائد الصلح وحسناته .. على أن تقسَمَ فلسطين بالتساوي بين الطرفين ، لانهاء الصراع المميت على فلسطين .. فيتقدَّم هذا القائد عارضًا على السلطان صلاح الدين شروط الصلح بدوره ، وهو يستشهد بالآية القرآنية ] .. وإن جنحوا للسلم فأجنح لها .. [ ترغيباً في السلم . فرَدَّ عليه السلطان رداً عنيفاً قائلاً : لغتك عربية ، لكنني أقدَرُ منك على فهم القرآن ومقاصده ... ألم تقرأ الآية الكريمة ] ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين [ .

قام صلاح الدين في عهده بتنظيم الجيش ، وأزال المَدَّ الصليبي ، ورتب الدواوين ، ونشر العلم ببناء المدارس .

وبوفاة الخليفة العاضد في مصر ، وموت نور الدين الزنكي , توَطـَّدَ حكم " الشام ومصر والحجاز واليمن والموصل وديار بكر " تحت قيادته .

وكان متفهماً حازماً .. متردداً .. أحياناً لكن استقراره على الرأي أخيراً يجعله ناجحاً في خططه .

توفي في دمشق عام 1193م ، ودفن في قلعتها ، ثم نقل جثمانه إلى المدرسة التي بناها ابنه الملك الأفضل عند الباب الشمالي للجامع الأموي .

�0 من أقواله : يمكن أن يكون في الناس من ينظر إلى المال ، كما ينظر إلى التراب !.. وكان يقصد بها نفسه .

0 سأل كاتبه يوسف بن شداد : أنا أستفتيك ؛ ما أشرف الميتات ؟. قال : الموت في سبيل الله .  وأضاف قائلاً : غاية ما أتمناه ؛ أن أموت أشرف الميتات .

ولما استأذنه ابنه الملك الظاهر في العودة إلى حلب ؛ أوصاه قائلاً :

أوصيك بتقوى الله تعالى ، فإنها رأس كل خير . وآمرك بما أمرك اللهُ به ، فإنه سبب نجاتك . وأحذرك من الدماء والدخول فيها والتقلد لها ، فإن الدم لاينام . وأوصيك بحفظ قلوب الرعية ، والنظر في أحوالهم ، فأنت أميني وأمين الله عليهم . وأوصيك بحفظ قلوب الأمراء ، وأرباب الدولة وأكابرها ، فما بلغتُ ما بلغتُ إلا بمداراة الناس . ولا تحقد على أحد ، فإن الموت لا يُبْقِي أحداً . واحذرْ ما بينك وبين الناس ؛ فإنه لا يُغفر  إلا برضاهم ، وما بينك وبين الله ، يغفره الله بتوبتك إليه ، فإنه كريم .

0 كان كثيرَ التقدير للعلماء . صدف أن قصده متصوفٌ إلى مجلسه . ولما تفقده لاحقاً ، وعلم بسفره إلى دمشق ؛ ظهرتْ عليه بوادر الغضب ، فأردف قائلاً لكاتبه : كيف لم تخبرني برواحه !.. ثم مضى يُسَائلُ نفسَهُ : كيف يدخل علينا مثلُ هذا الرجل ، وينصرف عنا من غير إحسان يلمَسُهُ منا ؟!..

ثم كاتب أهلَ الاختصاص في دمشق .. في رغبته الاتصال بذاك المتصوف لمراجعته ... فيأتي المتصوف ، ويكرمه بما هو أهله ، فيخلع عليه السلطان خلعة حسنة .

0 بقي أن نقول أخيراً : أنه كان يردد هذا الحديث كثيرًا [ مَنْ فُتِحَ عليهِ بابٌ من الخير؛ فليَنْتَهِزْهُ ، فإنه لا يدري متى يُغلـّقُ عنهُ ] .

0 لماذا يكره بعض المصريين أحفاد صلاح الدين ؟.

المتتبع للأفلام والمسلسلات المصرية ، يلاحظ صدور عبارةٍ من أفواههم بشكل عفويٍّ : لا تستكردني !!. يتلفظها المصريُّ في كلِّ موقفٍ ، يرجو فيه محاورَهُ .. أن لا يعتبره غبياً ، إذا شعر استغباءه له أو الاحتيال عليه . وهو يقصد معنى : هل تجدني غبياً إلى هذه الدرجة !..

وللحقيقة أقول : مرت فترة من الظلم والقهر على إخواننا المصريين ، باتت فيها السرقة شطارة ، والاعتداء خفية على بعض المتنفذين رجولة ، وكان يعني لهم أنها إعادة لبعض حقوقهم المسلوبة ، حيث كان ميزان العدل مفقودًا في تلك الحقبة .

ولما استقر الملك لصلاح الدين في مصر ، وأرسى قواعد العدالة ، وطبق نظام المساواة ؛ أعاد الحق إلى أصحابها .

غير أن كثيراً من المصريين ، لم يكن لديهم الدراية بانبعاث العهد الجديد

نتيجة حياتهم الطويلة تحت نير ممارسة الأعمال المجحفة بحقهم .. في ظلال العهود الغابرة .. فإنهم وجدوا تطبيق الأحكام العادلة الجديدة ( أحكاما ظالمة جائرةً أيضا ؛ لعدم اعتيادهم عليها ، دونما تقييم جوهري لها ) .. حتى أنهم وَصَمُوهَا بعبارة " حكم قراقوش " نسبة إلى اسم وزير صلاح الدين ، وحاكم مصر ، خلال تغيُّب السلطان عنها .

وقد سرد بهاء الدين بن شداد مؤلف كتاب " المحاسن اليوسفية والنوادر السلطانية " على لسان صلاح الدين ؛ حينما نصر الوزير شاور على غاصب الوزارة وخصمه في مصر ضرغام ، أنه أعاد شاور إلى منصبه ومرتبته ، و قرر قواعده ، واستقر أمره . فشاهد البلاد وعرف أحوالها ، وعرف أنها بلاد بغير رجال ، تمشي الأمور فبها بمجرد الإيهام و المحال .

ويعقب الدكتور جمال الدين الشيال ، محقق الكتاب المذكور ( هذا كلام ابن شداد  ، وأترك الردَّ لِمَنْ يَعلمُ شيئاً عن تاريخ المصريين ) .

( النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية ـ سيرة صلاح الدين الأيوبي ـ بهاء الدين بن شداد )


هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

إسمك :
المدينة :
عنوان التعليق :
التعليق :


 
 |    مشاهدة  ( 1 )   | 
http://www.tirejafrin.com/index.php?page=category&category_id=204&lang=ar&lang=ar