الفن والثقافة والتراث هوية الشعوب ... فلنحافظ على تراثنا الفلكلوري الكردي ..... لمتابعة آغاني الملاحم الكردية والتراثية اضغط هنا  ::::   أحبتي زوار موقع تيريج عفرين ..... قريباً سيعود الموقع إلى نشاطه السابق . ::::   آخر لقطات بعدسة تيريج عفرين .... شاهد الصور  ::::    شاهد الآن كليب تيريجن عفرين 4.... تيريج روج آفا - الجزء الرابع  ::::    الوديان في منطقة عفرين ... اقرأ المزيد  ::::    سياحة من تراثنا الشعبي ..... المضافات في منطقة عفرين ودورها الاجتماعي  ::::   أهلا بكم في موقع تيريج عفرين ....... Hûn bi xêr hatin :::: 
EN
Sat - 27 / Apr / 2024 - 8:26 am
 
 
http://www.tirejafrin.com/site/bayram.htm
الزاوية الأدبية »
وعلى نفسها جنت براقش

قد يألف المرء أناساً فيُسرَّ لمرآهم أو امرأةً يعزُّ عليه فراقها،أو يألف منزلاً تجمعه ذكريات فيه،أو مقهىً وحديقة يتردد إليهما مراراً،الألفة تعني:الصداقة والمؤانسة والاجتماع والالتئام،هي أحاسيس ومشاعر سكنتِ النفس بعد أن أمضيت ردحاً من الزمن في دارٍ مضى على بنائها أكثر من قرن،سكنتها من قبلي عوائل هجرتها إلى المدينة بعد أن اشتد العود في أبنائها وأحفادها.

كانت جدران الغرفة التي خصصت لسكناي ملبسة بالطين مدهونة بالجبس وسماكتها قد زادت عن نصف متر،أما سقف الغرفة،فقد ظهرت فيه أعمدة متوازية،يعلوها حصرٌ فُرِشت بكميات كبيرة من التراب،أخرجُ كلما هطل الغيث إلى سطح الدار،فأُدَحرِجَ الدولاب الحجري كي يتماسك التراب،فيمنع من تسرب الماء داخل الغرفة .

   تلك الجدران الطينية وذاك السقف وكل ثنايا الدار والغرفة التي أشغلها،استوطنتها كائنات،رغم اختلاف أنواعها وأحجامها،لكنها جميعاً قد رحبت بشخصي،فأبت إلا مقاسمتي أو منازعتي الزاد ، عندما أبدأ طعامي الذي اختصرته لوجبتين في اليوم وعيناي مثبتتان على التلفاز، أتابع خبراً مصوراً أو أغنية أو مسلسلاً درامياً،يفاجئني الجرذ بخروجه إلى سطح التلفاز منتصباً على قائميه الخلفيين مصوباً إليَّ عينين دائريتين تتوضعان في مقدمة رأس صغير ملتصق بجسد يزيده طولاً واتساعاً،وقائماه الأماميان،قد أرخاهما،وكأني به في هيئته تلك،يود استبيان ردة فعلي إزاء ظهوره المفاجئ،لكني وما أن أفغر فاهي وأكف عن تفتيت اللقمة وأنا من الدهشة في أشدها من كائن لم ينبئني أحد مبعث زيارته،ولم أعلم مسبقاً أمكنة تواجده،فما أن أحرك من جسدي ،حتى أراه يسارع الاختباء في ثغرة  أحدثها في واحد من جدران الغرفة.

ونظراً لأن زواري ثقيلي الدم،يجهلون أوقات راحتي،فقد كنت أعتمد الأسرة للنوم أو الجلوس دون فرش للأرض بالبسط التي كنت ألحظ كثيراً من العناكب تتخذها مخابئ لها،أما الفئران فكنت أحسد فيها سرعتها وتسلقها للجدران والأعمدة،فحينما تتجول في سقف الغرفة وتُسقِطُ بعضاً من ترابٍ على محتوياتها،أتعمد إخافتها بإحداث جلبة،لأنعم ببعضٍ من الهدوء يُحَفِّزُ لدي الرغبة في متابعة الكتابة.

هل من أخطار تهددني بمجاورتي لتلك المخلوقات الجائعة دائماً..؟؟،بالطبع لا، فكلها قد توحدت في الرأي واجتمعت كلمةً،أن ترفع الأبيض من الرايات،وليس أدل مثالاً،تلك الأفعى،رمادية اللون،حيث يؤكد القرويون خطورتها،فحينما كنت أطهو الطعام،يتناهى إلى مسامعي أصوات مصدرها السقف،أراها تكوِّر من نفسها،ترخي النصف الأمامي من جسدها نحو البخار المنبعث من القِدْرِ الذي يمتلئ لنصفه ببعض من الخضار،ترخيه وتسحبه نحو الأعلى في حركة متسارعة،وحينما أُلوح لها بالعصا،تختفي في ثنايا السقف،فيدهشني انصياعها لأوامري وامتناعها عن الحركة في المكان الذي تختبئ فيه.

كنت وتلك الكائنات في سلام،ربما لأني أزيدها حجماً،فتمتنع عن مهاجمتي،أو لأنها تدرك اختلافاً في الخلق والتكوين والفصيلة،فترفض أن تطبق بحقي أي من المواد التي نصت عليها شريعة الغاب،لكني ولسنوات خلت،شهدت حروباً شعواء دارت فيما بينها،فلمرة أدهشتني السرعة في صرصار يذرع أرض الغرفة وتلاشى استغرابي،حينما وجدت حرباء تلحقه،فتمد بلسان طويل،تمسك به وتدخله من ثم في جوفها. كنت حينما أفتقد الفئران في غرفتي،أتيقن خروج الأفعى من جحرها،وعندما أشاهد الحرابي،متسلقة جدران الغرفة وزواياها،أطمئن لاختفاء الصراصير وباقي الحشرات.

استنجدت بصاحبٍ لي أعدت زوجته قِدراً من البرغل،رششت عليه بعضاً م السموم،ارتديت بعدها الكامل من لباس الميدان،لأبدأ بالفئران معاركاً أُجبرت على خوضها،كانت الجحور كثيرة في جدران الغرفة،إلى حد جعلني أُنهي على القِدر في ملئها بالبرغل وسدها بالطين الممزوج بالإسمنت.

حصيلة اليوم الأول من المعارك كانت تأوهات مبعثها الجدران التي كنت أسترق السمع إليها فعرفت منها سيارات الإسعاف تنقل الجرحى أو هي عربات دفن الموتى لست أدري،ونظراً للتعاطف الذي أبداه لي بعض القرويين،فإن أحدهم قد تبرع بفخٍّ صُنع خصيصاً لاصطياد الأرانب وسواها من الحيوانات التي تغير على منتجات الكروم والبساتين،فبعد أن تبينت الشقوق التي منها تخرج الجرذان للغزو،كنت أضع قليلاً من اللحم في إبرة الفخ،فأخرج لسويعات من الدار،لأعود وقد أطبق الفخ على نفسه،واللحم قد أكله الجرذ ومضى في حال سبيله،كررت المحاولة لأترقب الأحداث عن قرب،ألفيت جرذاً،شدته رائحة اللحم،فخرج من جحره،لكنه من الذكاء،بحيث لم يندفع من فوره نحو الطعم،بل كان يكرر الدفع بقائميه الأماميين للمس قطعة اللحم وسحبهما سريعاً نحو الوراء إلى أن أطبق الفخ على نفسه من جديد واندفع صاحبنا إلى الوليمة بعد الإحساس بزوال الخطر.

اعترفت بهزيمتي أمام الجرذ،وأخذت أعد العدة لمعركة سأخوضها لاحقاً مع الأفعى التي حذرني الفلاحون من شدة خطورتها وضرورة التخلص منها بعد أن أسدوا إلي كثيراً من النصائح ومن أهمها:طرد الحمام الذي تكاثرت بيوضه وفراخه في الجدران الخارجية للمنزل.

عملت بالنصيحة وأعددت من ثم وجبة من بيض مسلوق،رششت عليه بعضاً من السموم،أفرغت البيض بعد تقسيمه في وعاء وضعته في مكان من الغرفة ،يُمَكِّنُ الأفعى من شمها والإقبال عليها،خرجت لساعة أو أكثر،دون إحكام لإغلاق الباب،ولما عدت،وجدت نفاذ البيض،فشعرت بنشوة النصر لهنيهة لم تدم،حين أنبأني أحد الصبية،بأن كلباً ينازع الموت قد تمدد أسفل الوادي،أحسست حينها بالإثم وأنحيت باللائمة على ذاك المتطفل الذي اقتحم الغرفة عنوة،والتهم وجبة لم تخصص له،هدَّأتُ من نفسي وأسكنتُ من روحي متمتماً :وعلى نفسها جنت براقش .

صلاح الدين عيسى / 31 / 3 / 2008

أرضي: 7875830 ـ جوال: 0944989574


هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

إسمك :
المدينة :
عنوان التعليق :
التعليق :


 
 |    مشاهدة  ( 1 )   | 
http://www.tirejafrin.com/index.php?page=category&category_id=204&lang=ar&lang=ar