الفن والثقافة والتراث هوية الشعوب ... فلنحافظ على تراثنا الفلكلوري الكردي ..... لمتابعة آغاني الملاحم الكردية والتراثية اضغط هنا  ::::   أحبتي زوار موقع تيريج عفرين ..... قريباً سيعود الموقع إلى نشاطه السابق . ::::   آخر لقطات بعدسة تيريج عفرين .... شاهد الصور  ::::    شاهد الآن كليب تيريجن عفرين 4.... تيريج روج آفا - الجزء الرابع  ::::    الوديان في منطقة عفرين ... اقرأ المزيد  ::::    سياحة من تراثنا الشعبي ..... المضافات في منطقة عفرين ودورها الاجتماعي  ::::   أهلا بكم في موقع تيريج عفرين ....... Hûn bi xêr hatin :::: 
EN
Fri - 19 / Apr / 2024 - 1:09 am
 
 
http://www.tirejafrin.com/site/m-kamel.htm
الزاوية الأدبية »
سيرة عود

سيرة عود


كان صوت الآنسة رنا هو الصوت الوحيد الذي يواجه كل الأصوات الأخرى التي تجذبه بإلحاح , لذا فقد كان صوتها ضعيفا ً خافتاً غير مشفوع بأوتاد ٍ قاسية تُغرس في صميم كيانه فيشتد بها وثاق الحبال التي يمكن أن تكبح جماحه , و تصد سيل الشباب العارم فيه .
تارة كان يصغي إلى صوت والده العنيف يوبخه على الملأ , عند كل مفترق , في إسفار الصباح و زلف من الليل , إذا غدا إلى المدرسة أو ثاب منها , فيتذكر مع هذا الصوت ضجيج أواني المطبخ و غرفة الجلوس و الكتب الممزقة و الأوراق المبعثرة , والكرة التي بقرها السكين المسموم , وشاشة التلفاز السوداء , و عمود المنضدة المائل الذي لا بد أن ينكسر يوماً ما تحت وطأة رأسه المثقل بين ذراعيه قبالة الكتب المدرسية المنضدة من أجل لا تفتح , و ظهر رفقائه وهم يغادرون غرفته مطرودين , و أكواما ً مكدسة من الشتائم و التقريعات ..
و تارة أخرى يهدئه صوت أمه , فيتذكر مع هذا الصوت قوانين الطبيعة , و آلام المخاض , و ضعف البشرية أمام الأحداث العظيمة , و التردد و الاهتزاز ووجهي الرغيف ووجهي العملة , ووجهي القمر , فينتهي هذا الصوت عند جملة واحدة علقت بخلايا مخه " أنا أوافقك الرأي يا بني " ثم بعد قليل  " والدك على حق ".
أما صوت رفاقه فقد كان رخيما ً يتلاعب بأوتار قلبه  فيحس بنغم ٍ موسيقي جذاب , يهرع بلا إدراك خلفه فيتولد فيه السيل الجامح  و رغبة الشعور بالأنا  و الخلاص من الهو و من جميع القيود , و التفرد في صنع القرار , و قرار صنع النفس , و التخبط في شعاب ٍ و أودية لا يعرف منها مخرجاً .
الفرار من البيت كان القرار الحاسم الذي اتخذه الآن بعد صبر دام طويلاً , لقد بلغ السيل الزبى و طفح الكيل , و آن أن يختار الحرية  ,و يمتلك حرية الاختيار  , و يسلك من باب المنزل الذي ترعرع فيه مسلكا ًمنفصلاً يسير فيه مع مجموعة الأفكار و المعلومات و النصائح و القيم و الثوابت و الفرضيات و البراهين و النواميس و المحظورات و المرغوبات و الممنوعات و المثلات التي لملمها بنفسه و بطريقته الخاصة .
قالت الآنسة رنا في إحدى اللقاءات مع أولياء أمور الطلبة " يجب أن نسدَّ الهوة التي بين الآباء و الأبناء ,  و نمد الجسر بين الواديين , فيدرك  الأبناء معنى من معاني الأبوة ليس ببعيد من الصداقة , ويدرك الآباء في الأبناء عودا طريا ً يتقوم برفق و تؤادة , فيستقيم العود مستفيدا ً من الركائز و المساند التي ألفها و لم ينفر منها " .
يضحك وليد الآن باحثا ً عن هذه الركائز و المساند
كان عودا ً طريا ً نما لوحده كيفما اتفق , و أثرت فيه الرياح الغربية فتقوس , و جابهته الرياح الشرقية فأراد أن يستقيم ككهل تقوس عموده الفقري , و أخذته رياح الجنوب و الشمال يمنة و يسرة حتى تصلب العود معوجا بلا تناسق  فجاء والده الآن يريد تقويمه .
حقا ً لم يجد وليد تلك الركائز و الأوتاد تدك بجانب عوده و تحفظه من الانحناء . سوى عيدان رفاقه التي مالت كميلانه وانحرفت كانحرافه وتآزرت معه وتوحدت في كينونته حتى صار جزءً من كل ٍ منحرف .
وعزفت أوتار الحرية أنغامها وتطايرت شرارات القيود متناثرة هنا وهناك , فوجد نفسه يملك نفسه كاملها ويقودها بمحض إرادته دون حواجز الأب ومطبات الام ومنعطفات المجتمع المحيط .
ركض مخبولا ً وراء أنغام الموسيقى الشجية دون أن يعي نهاية الطريق .
وغرق الأب في سلسلة الشتائم وإلقاء اللوم على هذا الجيل الفاسد ، وكأنه أفنى أيامه ولياليه في غرس البذور الصالحة وإروائها بعرق جبينه والذود عنها بجفونه ورموشه وبؤبؤة عيونه ، فنمت البذور فاسدة !!!!  يندب حظه العاثر ، ويريح ضميره القابع تحت ركام النقود وعجلات السيارات وعقارب الساعات ونتائج الصفقات .
بينما كانت الام تنظر إليه بعين وتقول " إنك على حق ......"  
وتبكي بالأخرى وتقول بنفسها : " لقد ضاع ولدي "
أما هو ..... أما وليد فقد كان لا يزال يسرع خلف إيقونات موسيقى رفاقه كسجين تحرر من القيود .
يريد أن ينسى طريق العودة و ينسى كل شيء يذكره بالعودة .
 إلا أن صوت الآنسة رنا داهمه من جديد فامتعض و أحسَّ برعشة كرعشة الراقد نبهه زعيق حاد   
كان صوتها كحائط صلب يشمخ قبالته كآخر حاجز قبل الفناء . 
قال وفي قلبه غصة  و حيرة  : " لا زلت أحبك يا آنستي "
عماد كوسا / 16 / 2 / 2011
تيريج عفرين


هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

إسمك :
المدينة :
عنوان التعليق :
التعليق :


 
 |    مشاهدة  ( 1 )   | 
http://www.tirejafrin.com/index.php?page=category&category_id=204&lang=ar&lang=ar