الثقافة الساقطة
من الجدير في زحام هذه الحياة أن نتكلم ونقترب أكثر من الواقع الذي نعيشه ونجد من حولِنا الكثير ممن يدّعون الثقافة و يبرزون أنفسهم في الساحة الاجتماعية بشهاداتٍ معلّقةٍ على الجدران التي هي ربما تشعر بغيرها أكثر منهم أنفسهم ..
وعندما تقترب من أحدهم تجده قد أظهر الوجه الحقيقي لثقافته المعلن عنها، و يتحول إلى ماردٍ متمردٍ يسقط عن نفسه الأقنعة التي يُمثّل بها وهو انسانٌ متعلمٌ و جاهلٌ في نفس الوقت.. تعاكست كل الرسائل الفنية والإبداعية والثقافية في سلوكه، فنلاحظ الفرق في العلاقة بين المعلّم و طلابه كالجلّادِ و العبيد ، و بينه و بين أولاده كالأب الحنون.. وغيرها الكثير الكثير من الأمثلة ممن تحولوا إلى شعراء و مغنّين و مصورين و كتّاب و و و و فأظهروا بشاعتهم بدل فنّهم و حقيقتهم،هؤلاء هم الممثلون المخادعون لأنفسهم أولاً ثم لغيرهم.. تلك الرسالة الإنسانية تعلمتها من ذاتي ومن ألم غيري..
فلكل مهنةٍ أدواتُها و طريقتها تميزها عن الأخر فإنْ لم يشعر الشاعر بما يؤلم غيره ويكتب بعضاً من تلك المأساة كيف له إذاً إيصال تلك الاحاسيس إلينا ؟
و الرسّام إن لم يستطع إدخال البهجة و إيصال الأمل إلينا فلماذا يرسم و يدّعي أنه رسّام و فنان؟..
و إن تحولت مهنة الطبيب لكسب المال فقط فعلى الدنيا السلام..
الفتاة أو المرأة التي تدّعي الثقافة و النجاح و التفهم ،تجدها في منزلها لا تتقن ثقافةً في التعامل مع أفراد عائلتها فكيف مع المجتمع ؟ ..
الثقافة ومفهومها العميق جوهرٌ ثمينٌ يكمن في أسلوب الحياة و فن التعامل معه وممارسة فعلية ليست لوحاتً و أوراقً تعلق على الجدار فحسب أو لافتاتٍ معلقة في الشوارع..
وهذا ما أراه اليوم للأسف
وأنا أتجرد منها وأدعو المثقفين الحقيقيين أن يبرزوا و يقوموا بدورهم بكامل اخلاصهم و وفائهم لمهنتهم المقدسة ، فأنتم الشمس ونور أملنا لبناء مجتمع مثقف واعٍ حقيقي دون تشويه وتزييف ... فبدأٌ الجهل و عدم الوعي و التفهم بجرف الثقافة إلى الهاوية لا ثقافة بدون إنسانية .
بقلم هدى أحمد محمد / 9/1/2017
|