الفن والثقافة والتراث هوية الشعوب ... فلنحافظ على تراثنا الفلكلوري الكردي ..... لمتابعة آغاني الملاحم الكردية والتراثية اضغط هنا  ::::   أحبتي زوار موقع تيريج عفرين ..... قريباً سيعود الموقع إلى نشاطه السابق . ::::   آخر لقطات بعدسة تيريج عفرين .... شاهد الصور  ::::    شاهد الآن كليب تيريجن عفرين 4.... تيريج روج آفا - الجزء الرابع  ::::    الوديان في منطقة عفرين ... اقرأ المزيد  ::::    سياحة من تراثنا الشعبي ..... المضافات في منطقة عفرين ودورها الاجتماعي  ::::   أهلا بكم في موقع تيريج عفرين ....... Hûn bi xêr hatin :::: 
EN
Thu - 28 / Mar / 2024 - 18:57 pm
 
 
http://www.tirejafrin.com/site/bayram.htm
الزاوية الأدبية »
فليَمُـتْ هـو و حِمَـارُهُ !!

حدثني كمال عثمان " مِنْ قريةِ عَرَبَـا " فقال :

   حَلَّ الصياد : حَمَـدْ من قرية "حس جمالا " ضيفاً على صديقه ، ورفيق عمره ،   وتوأمِهِ في هواية الصيد : حَسْ كـُلـَكْ مِنْ قريتنا .

وجلس الصديقان يتسامران ، وتوقفا عن السمر بنداء من الخارج ، يقطع خلوتهما.

خَطـَا حَسْ كـُلكْ نحو الباب ، وإذا بجاره بَكـُو يرجوهُ شـيئاً من التبن .. لإطعام حماره الجائع منذ ثلاثة أيام .

طلب حَسْ كـُلكْ منه دخولَ الدار ، ريثما يحضِّر له مطلوبَهُ .

وما أنْ وضع بَكـُو قدمه في عَتَبَةِ الغرفة ؛ حتى لاحظتْ عيناهُ شخصَ حَمَـدْ !.. فسَرَتْ رعشة قوية في كيانه ، وانسَحَبَ مسرعاً إلى دارهِ ، كمَنْ مَسَّهُ جنيٍّ !..

استغرَبَ حَسْ كـُلك مِنْ نفور جاره ، وهو يعود بالتبن لحماره الجائع مذهولاً !!.

فأعقبَ ضيفُهُ مُهَدِّئاً بالـَهُ : سوف لا تجد أثراً لِبَكـُو خارج داره منذ اللحظة ، ولا يَجرُؤ على الخروج إلا بعد مغادرتي هذه الأنحاء !!!.

أضافَ حَسْ كـُلكْ بأسىً ظاهر قائلا : التبن نادرٌ في هذه الأيام ، وحماره جائع من ثلاثة أيام !!.

أجاب حَمَـدْ : فليمُتْ هو وحماره جوعاً !!..

لِمـاذا ؟!!... لِنَعُدْ إلى البداية ، وسرح في الحديث :

في أواسط السبعينات من القرن الماضي ، ساد جَوٌ من عدم الطمأنينة والأمان على النفس والمال والراحة ؛ بظهور بعض الخارجين على القانون ، منهم : كولك ، وشيخو ، وخُلْفُوْ ، وسَـالان .. فترةٌ من الزمن ..

وزاد في الطين بلة ؛ ندرة المواسم .. بسبب شُحِّ الأمطار . فقِلَّةِ الغِلالِ .

في شتاء تلك الظروف الاستثنائية ؛ حَلَّ بَكـُو ضيفاً على حَمَـدْ الصَّيَّاد العجوز في قريته حس جمالاً .

في تلك الأمسية ؛ لم يجد بَكـُو مجالاً لِمُفَاتحَةِ المُضِيفِ عَمَّا قدِمَ من أجله ، إلا الترَجِّي منه بإغلاق الباب جيداً .. خوفاً من اقتحام الخارجين على القانون .

لكن المضيفَ رَدَّ قائلاً : لا ؛ لا أخشى مكروهاً ، لعدم وجود سابقةِ عملٍ مُشِينٍ من قبلي بحقِّ أحدٍ ، حتى أتعرَّضَ لِعَمَليَّةِ إقلاق راحتي ، وتعكير مزاجي .

ولما استفسر الضيف عن مخبإ العصابة ؛ أجابه حَمْد : أنهم دائماً في هذه النواحي .. فترجَّى الضيفُ الاتصال بهم لأمر يهمه !!.. فيسأله حَمدْ عن السبب ؟!. فكانت المفاجأة .

لم يجد بكو بُداً من الإفصاح عن سبب لجوئه لحَمدْ تلك الأمسية ، فقال : توجد ثلاثُ حجلات سِمَانٍ ( يقصد ثلاثة أشخاص .. حالتهم المادية ميسورة ) ، ويمكن اقتناصهم على يد واحد من هؤلاء الذين ذكرتهم .

أطرقَ حَمدْ مَلِياًّ يفكر .. فيُفاجَأ بضيفه مُوَضِّحاً المسألة : إنهم سِمَانٌ بما فيه الكفاية .. والمكسَبُ لِكِليْنا .. فأولهم : والدي ، والثاني : احْمُو ، والثالث : حَسْ كـُلـَكْ .

عَقَّبَ حَمَدْ حديثه بالقول : تريد ابتزاز هؤلاء ؟!!..، ومنهم حَسْ كـُلـَكْ .. صديق عمري ورفيق دربي في الصيد ؟!!.. فعلى كلٍّ ، على الرُّغْم مِنْ أنَّنِي تَرَكْتُ مهنة الصيد منذ زمن .. فلا بأسَ مِنَ العودة ثانية .. لِقتلِ كلبٍ أجْرِبَ مثلك ، أنْقِذُ الناسَ من أفعاله الدنيئة .

مَدَّ حمد يدَهُ إلى بندقية الصيد مِنْ علاَّقتها فوق رأسِهِ ، وأدخل خرطوشتين في بيـت

النـار.. و بكـو فاغر الفم من هول ما يجري أمامه ، غير مصدق ما يرى .. فسُدِّدَتْ سَبَطانتها نحوه .. يا لَلْكارثة !!.. ولم يجدْ بَكـُو ستاراً إلا فـَرُو " زوجة حمد " ، فقذف بنفسه خلفها ، يحتمِي بها .

فأرْدَفَ حمد تصميمَهُ على تنفيذ ما يريد بالقول : لا يَهُمْ .. فخرطوشتي تستطيع اختراقَ شخصَيْن معاً !!..

لم يجدْ بكو مَنْفذاً للخلاص من الموت المحقق .. فبادر إلى الباب بسرعة البرق إلى خارج الباب " وهو متستِّرٌ بـ فـَرُو .. المستمرة في توسلاتها واستغاثتها " مهرولاً في الفناء نحو بوَّابة الدار .. على انفجار الطلقة الأولى للبنقية .. المُصِمِّ للآذان .. فيجانب مسار الرصاص بلا شعور !!.. والاضطرار للقفز فوق السور من القشِّ " سَعَنْجْ " ([1]) .. فانهار السور تحته بهدير قوي من الجهات الأربعة .. وبقي مكشوفاً لمرمى الرصاص .. !!. فهوى بنفسه في منحدر عميق تحت هدير الطلقة الثانية .. وما سلم من مقتله .. لولا ظلام الشتاء الدَّامس وكثرة انحرافاته .

  ولا تسل عن كيفية قطع المسافة بين قرية حس جمالا وقريتهِ عَـرَبَـا .. في تلك الليلة الرهيبة .. إذْ رأى الموتَ بعينيه .

«««

مصيـر الخائِـن
قصد الصياد : شيخو فيلك من قرية بريمجة مدينة َعفرين .. يبتغي اللقاءَ بأشهر صياد فيها .. فدَلُّوهُ إلى دارٍ له في أعلى موقعٍ ، يُطِلُّ على الواحـات والتلال المحيطة بالمدينة .

بات شيخو فيلك ضيفاً على قيتـْرَشْ ، واستعرض ما لديه من العدة : بارودة صيد ذات سبطانتين ، وجعبتين ، وأحزمة ، وحَجَلة ([2]) محجوزة في قفصٍ ، تدْعَى ( مَاريَّهْ ) ، و .. و..

© ترافق الاثنان في رحلة صيد للبَطِّ على ضفاف نهر عفرين .. صباح اليوم التالي . وما أن رأيا بطة ؛ ألمح شيخو لرفيقه برميها ، فأسرع قِيْتْرَشْ بإطلاق النهار عليها .

ـ لقد أخطأتَ يا رفيقي ؟.. / قالها شيخو .

ـ لقد ظفرتُ بالبطة ، فأين يَكْمُنُ خطئي ؟ . / قالها قيتْرَشْ مستغرباً .

ـ أجاب شيخو : لقد استهدفتَ جسم الطريدة لا رأسها ، فتوَزَّعَتِ الخردق ([3]) جسمَ البطة بكامِلِهِ ، ممَّا يصعب عزلها عن اللحم !! .

© في رحلتهم الثانية ؛ قرَّرَا المُضِيَّ إلى صيد الحَجَل . فاستيقظا باكراً ، وحملا عدة الصيد ، وقصدا هضبة " بَرْكَيْتْ ([4]) " المرعي الخصب للحجل . ولم يَدُرْ في خَلَدِ شيخو هدفَ قِيتْرَشْ من صيد الحجلان .

وضع قيترش القفصَ في نقطةٍ بارزةٍ ، وكَمَنَا في المكان المستور . ولم تمض لحظاتٌ .. حتى بدأتْ الحجلة ( مَارِيَّهْ ) تملأ الأرجاء بشدوها الآخِذِ .. فتلقَّى الحَجَلُ البريُّ صّدَاه بشدا " كَوْرَسٍ " متَّزِنٍ من مكامِنِهِ .. في تناغمٍ بديع .. وتزاحموا حول قفصها كتزاحمهم على مورد الماء في صحراء قاحلة ...

أشار قيترش لزميله بأداء دوره في الصيد .. فأعَدَّ شيخو بندقيته نحو الحجل المتهافتِ على القفص ، وأطلق خرطوشة واحدة .. وإذا بالحَجَلةِ " مَارِيَّهْ " صَرْعى في رمقها الأخير .

لقد أخطأتَ الهدفَ يا صاحبي .. بقضائكَ على " مَارِيَّهْ " ، ولم تَصِدِ الحِجْلان !!!.. / قالها قيتْرَشْ بأسىً حارقٍ !!..

رَدَّ عليه شيخو فِيلكْ بكلِّ ثقةٍ : لم أخطئ المرمى يا صديقي .. فلا يجب أن يعيش الخائنُ لقومه !!..

([1]) كان أغلب أسوار البيوت من القشِّ الموضوع فوق الأحجار وضعا عشوائياً . وهي المعروفة بـ : سَعَنْجْ .

([2])   حجلة أنثى الحَجَل ، ترَبَّى في قفص ، لٍيُصْطَادَ بها الحجلُ البرِّيِّ بشدوها ؛ فتتهافت ذكور الحجل حولها .

([3])  مجموعة من كرات الرصاص في القسم الأمامي من الخرطوشة ، بعد بودرة البارود .

([4])  تقع على السفح الغربي لجبل ليلون المطلِّ على مجرى نهر عفرن ومدينته .

========

نابليون وصائد الجوائز

أثناء هجوم الإمبراطور نابليون بونابرت " ملك فرنسا " الإمبراطورية الروسية ، وقبل تمكنه من السيطرة على مقاطعة أٌوكرانيا الغنية بثرواتها ؛ أٌبرَمَ اتفاقاً مع ضابط استخبارات من تلك البلاد ، للمساعدة في السيطرة على المقاطعة ، مقابل كيسٍِ من الذهب .

وبعد ما أنجز الضابطُ مهمته ، قصد نابليون ليستلم جائزته حسب الاتفاق المعقود بينهما ، فأًذِنَ له بالمقابلة .

وحينما لم يبق بين الضابط ونابليون سوى خطوات .. ناول نابليون كيسَ الذهب فرداً من حاشيته ، لِيَقذِفَ به نحو الضابط " صيَّاد الجوائز " .. فتلقاهُ الأخيرُ بيديه قائلاً :

وَدِدْتُ كَسْبَ شرَفِ مُصافحَةِ سعادة الإمبراطور المعظم !!.

رَدَّ نابليون بكلِّ احتقارٍ : لا أٌصافحُ سوى الأبطال .. أما الذهب فلأمثالك !..

>>>

آنَ لكِ أًن تزرعي البصل
جُوْنْ " أيرلنديُّ " يخدم في الجيش الإنكليزي أَثناء الحرب العالمية الثانية . وكان قد ترك زوجتهُ بلا معين يساعدها .

وصلته رسالة من زوجته ، تنبئه فيها معاناتها .. وصعوبة إتمامها الأعمال . وأضافت قائلة :

لو وجدتُ مَنْ يفلح الحديقة ؛ لزَرَعْتها بَصَلاً وثوماً و...

ردَّ جون برسالةٍ جوابيةٍ قائلاً : اتركي الحديقة وفلاحتها ، فلقد طُمِرَ فيها أسلحة الجيش الجمهوري الأيرلندي .. للقيام بالثورة على الإنكليز !..

وكان جون يعرف يقيناً .. أَنَّ الرسالة لا بدَّ من مرورها في الرقابة العسكرية ، وأنها ستُقرأ حرفاً حرفاً ! ...

فوجِئَتْ زوجة جون يوماً برقيبٍ من الجيش الإنكليزي .. مَعَهُ ستة جنودٍ .. مُزَوَّدِينَ بالمَعَاول والفؤوس .. داخلين الحديقة .. يَنْكُتُون الأرضَ مِنْ جميع أطرافها .. يحفرونها .. ينقبونها . وما أنْ انتهوا مِنْ فلاحتهم ؛ حتى تقدم الرقيب من زوجة جون المذهولة ، وقال بحرقة : كيف يَكذبُ زوجُكِ عن أسلحةِ الجيش الجمهوري .. مدفونة في حديقتكم ؟!! .

لم ينتظر جون رسالة أُخرى مِنْ زوجتِهِ ، بل بادرها برسالة أُخرى يعَقِّبُ فيها بالقول : لقد فلحْتُ الحديقة ، وعليكِ زراعتها ..!!.

شروط الصلح
أكبَرُ سعادةٍ شعَرْتُ بها في حياتي ، حينما شاركتُ في رأبِ الصَّدْعِ وإعادة الوئام بين عائلتين ، بعدما فـُقِدَتْ فيهم المحبة ، وأجدبت المودة ، وانعدم التفاهم بينهم . وحَـلَّ محلها الحقدُ والكراهية .

كلُّ طرحٍ إصلاحيٍّ مرفوضٌ ، وحُبُّ المعارضة شعارهم .. وإذا النفوسُ نشَزَتْ ، وإذا العقولُ أغْلِقَتْ ، وإذا القلوبُ بالضغائنِ اسْوَدَّتْ ، ورفعَتْ الأحقادُ عجيزتها !!.. ؛ انطمَسَتْ مواقفُ الرجولة والشهامة ، واستعْصَى التفاهمُ على الحلولِ الناجعةِ الشريفة .. " كما الدَّابَّة النافرة الشَّاردة .. " .

ثم لا تَسْألْ عن العواقبِ .. وإنْ هَدَرَتِ الأنفسُ والأموالُ ، وتكبَّلَتِ الطاقاتُ ، وماتتِ الإنسانية في رحم أمها ، وتعشَّشَ الفسادُ في العلاقات وفي الضمائر !!..

والحقيقة تقال ؛ إِنَّ موضوع الصلح ليس بالأمر الهين ، إلا أنَّ السعيَ فيه لا محالة ؛ على غرار مِبْضَعِ الجرَّاح إذا لم يُجْدِ العلاجُ ..

وكانت نتيجة مداخلتي للصلح .. الوقوفَ على عدَّةِ صفاتٍ ، يَتحتَّمُ توافرُها في ميادين المصالحات .. ابتغاءَ تحقيقِ الهدفِ المَنشود . ألا وهي :

ـ النية الصادقة .. والالتزام بـ : الحيادية و الأسلوب الهادئ والهادف ..

ـ الصبر والصدر الواسع تجاهَ الانتكاسات والمعاناة من الطرفيين ، مع الاستمرارية والمتابعة ..

ـ الاحتكام إلى العقل " لا العاطفة " في تحليل نقاط الخلاف ، وتمييز السـلبية منها عن الإيجابية ، وعرض الحلول الملائمة في تقريب وجهات النظر .. ولا مانع من استشارة ذوي الخبرات والتجارب وأهل العلم والصلاح ..

ـ جَعْلُ الهدفِ من المُجْرَيات كلها : إحياءَ العدل المفقود " بإعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقه " .. بعيداً عن أسلوب جَبْر الخواطر ومراعاة الوَجَاهة .. الذي لا يمكن أنْ تقضي على جراثيم التنافر ..

وأستحسن اللجوءَ إلى عادة المصاهرة بين شباب العائلتين في حادثةِ القتل .. أملا في أن تكون المصاهرة تقزيماً لِمَثاراتِ الخلاف ، وتمهيداً لعناصر المواءَمَة والتوادد .. وتهدئة للنفوس .

¯ حتى يكون قرارك من رأسك ؛ لابد أن يكون غذاؤك من فأسك . 

سيد علي – الأهرام العربي العدد 369 أبريل 2004

¯ افلـَحْ مراراًً وبعمق ، وحذار من أن تجور على ثوريّ الفلاحة .
مثل من منطقة عفرين
¯ ابكِ يا محمد .. ابكِ كالنساء على مُلكٍ ، لم تحافظ عليه كالرجال .

والدة محمد عبد الله الصغير ، آخر ملوك العرب في الأندلس

زوبـك عفـرين

إن من أسعفه الحظ بقراءة رواية ( زوبك ) للكاتب عزيز نيسين ؛ سيلاحظ تماما أن أحداث الرواية قد تكررت من جديد في منطقة عفرين .. كما حدثني الحكيم مصطفى كل حبش .. فقال :

بَكُو شُقُتِي : مسؤول عن موت سبعة أشخاص ، ولم تنله يد العدالة للاقتصاص منه ، يعود ذلك إلى سطوته ، وتسلحه بصفاتٍِ قلَّ أن تجتمع في شخصٍ واحد !! مِنْ : مكرٍ الثعلب ، ودهاء بني أوى ، وجَلدِ الفيل .. وجعل المال معبوده الأوحد ... منطلقاً من قاعدتين ؛ أولاهما : أن العهود والمواثيق ما وجدت إلا لِتقييد الآخرين ،  وشعاره " ألفُ قلبة ، ولا غلبة " . وثانيهما : لا خطوط حمراء للأخلاق والشرف أو الرادع الديني ؛ فهي كلها مسخرة لجلب المال له .. واليك بعض الوقائع من بدايتها :

بَيْـرُو المقهور

بَيْـرُو المقهور !!.. هاهو صرح " قرية عُمَرَا " شامخ على سفح جبل دوزاقِ الممتد من سلسلة ( جايي مينه ) . يعلوها في القمة آثار كالوشك " اسم مصغر للقلعة ، فيها أوابد من أزمنة  غابرة " . وفي الشمال الغربي جبل شُكَتـَيْ دُزَا .

وفي الجنوب الغربي امتداد وادي جالي خُرَيْبَهْ العميق .. وهو موطن بكـو الذي يملك فيها معصرة  زيتون .. بتجهيزاتها الآلية القديمة .. التي حلَّتْ محلَّ الأجهزة الخشبية اليدوية لعصر الزيتون ، واستخلاص الزيت منه .. تلك نقلة نوعية في التطور في نهاية النصف الأول من القرن الماضي .

يحيط بمنزل بكو " وبالخربة حيث آلات المعصرة " سور من ثلاث جهات فقط ؛ والجهة الشمالية محصَّنة بمنحدر شديد نحو وادي خريبة لإلقاء نفايات المعصرة تجاه الوادي العميق .

ويعلم جميع المقرَّبين من بكو شقتي أنَّ هذه المزبلة الشمالية شبيهة بالرمال المتحركة القاضية على كلِّ كائن حيٍّ يقترب منها .. كما الحال في أطراف بعض بحيرات إفريقيا .. حيث الهويُّ  في منحدر الوادي ، والاصطدام بعشرات الصخور الناتئة كالحراب الطاعنة  .. ويجهل جميع المقربين من بكـو الغاية التي يريدها من بقاء تلك الحالة في هذه الجهة المفتوحة والخطرة .

يعرض بكـو بدهائه على ابن عمته " بَيْـرُو الماهر في البناء " المشاركة معه في معصرةٍ جديدة . فيرضى بسذاجته ، ونجح بكو في تحقيق مرماه .

بدأ بَيْـرُو العمل يعاونه 12 عاملا على حسابه ... فهدموا جدران الخربة القديمة . وشرعوا في البناء الحديث .. بكـو يخطط ، وبيرو ينفِّذ مع عماله ، يواصلون الليل بالنهار خلال ثمانية أشهر وتسعة أيام .. بكل همة وعزيمة ..

وها هو بَيْـرو يضع آخر حجر في البناء .. وهو ممتلئٌ بنشوة الشراكة ، وآمالها العِذاب مع ابن خاله بكـو !!!...

لم تدم عليه فرحة الانتهاء من آخر حجر لجدار المعصرة ، وهو غارق في تخيُّلات المشاركة مع ابن الخال في المكبس .. حتى أزاح عنه مَعْمُو " صاحب اللسان السليط " ستار شوقياته الحلوة وطموحاته ، وأبدل بها النهاية المرَّة التي تنتظره .. قائلا :

يا بَيْـرُو و و و و ..  انفذ بجلدك أيها الأحمق !. يكفيك عمل ثمانية أشهر مع عمالك مقابل لا شيء !.. هل صدقتَ نفسك الوعدَ البرَّاق ؛ أنك ستكون شريكاً لِبَكـو !!.. لقد ابتلعك ، ولم تفق بعد .. هل غابتْ عن ذاكرتك قصةُ : حَمَدَيْ حَسُوْ و خَلـُوْيَيْ مُوْرَيْدْ وما آل إليهما الأمر ؟.. أين شركاؤه السابقون ؟ .. أَلا تكلف نفسك التفكير في مصيرهم ؟.. أما علمت أنَّ كرشه الكبير منتفخ بحجم جبل ليلون .. من كثرة ما أَكل من حقوق البسطاء أمثالك .. واعلمْ يا بيرو أنَّ البناء في حرم داره ، وهو القويُّ وأنت الضعيف ، يكفيك ما هدرت من الجهد ، وما كلفتك أجور هؤلاء العمال ...!...

استفاق بيـرو من غفلته ، وتنبه إلى صدق حديث معمو .. باستعراض جميع جرائم بكو القديمة والحديثة .. وأدرك أنه قد علَّق آماله ببيت العنكبوت بكـو .. فمضى التعب والمصروف أدراج الرياح ..

فانهارت أعصابه من هول المأساة الرهيبة .. المفجعة .. وسقطت مطرقة الِبناء من يده ، ولم يقدر النزول من فوق السطامة إلا بمعاونة مساعديه ..  وسار نحو داره بخطوات مرتجفة .. غير متزنة .. منحني الظهر .. يكاد يهوي على الأرض !!..

وكان لابد من المرور بمحاذاة دار شَيْخَي .. حيث زوجته .. صاحبة اللسان السليط لا يسلم مارٌّ من لذعات لسانها الجارحة .. فلم يحس بيرو بشيء من تعليقاتها الكاوية ؛ لأن الصدمة أفقدته كلَّ انتباهٍ لما حوله.

أكمل بيرو مسيره .. يجر نفسه جراً .. حتى استقر في الفراش . ولم يغادره إلا بعد أن أسلم روحه إلى الباري ، بعد واحد وعشرون يوماً بالتمام .

وعاد الحكيم مصطفى قائلاً :ِ أليس بكو مسؤولاً عن موت بيرو ؟ .

كاظم الدَّارُزي

كاظم الدارزي ؛ ورث المال من والده ، ويعمل بائعاً متجولاً في منطقة عفرين انطلاقاً من قرية عٌمَرا .

كم كان يغتبط كاظم ، وهو يتذكر بعضاً من سوالف والده حسن الكثيرة .. ومنها : أنه كان يبيع الياردة (90 سم ) من القماش بخمسين ضعفاً ، دون أن يتذمر المشترون أو يساومونه ؛ لانقطاعهم عن العالم الخارجي أولا ، ولعدم وجود منافس له في الميدان ثانياً. وكان غيابه يستغرق عدة أشهر بين القرى ، يبيت هنا وهناك ، وتفقات أكله ، مع الشعير والتبن ولحماره .. داخلة في مستلزمات ضيافته حيث المقام .. وهو السبب في غناه الفاحش .... وكلُّ أمنية كاظم أن يحذو حذوَ خطوات والده ، لكن مرض القلب حال دون تحقيق ذلك .

جاءه بكـو يوماً ، يعرض عليه شراكة منشأة حديثة يُـدِرُّ عليهما أرباحاً خيالية وغنى بلا حدود .

اعتبرها كاظم فرصته الذهبية .. معتمداً في ذلك على تقييمه الوضع السائد في المجتمع الجبلي ، وعلاقتهم بوالده حسن ، وأيقن أنه وجد ضالته التي ينشدها في أحلامه . ولا سيما العلاقة الوثيقة لعائلة بكو منذ القديم مع أبيه وجَدِّهِ .

كاظم .. شريك جديد لـ بكـو  .. دفع كاظم جميع مدخراته الحالية والموروثة من أبيه وجده  إلى الشريك : بكـو .. دون التقيد بالقاعدة الذهبية : لا تضع ٌكلَ بيضك في سلةٍ واحدة ) ، ووثيقة الضمان والأمان .. أنه كتب في دفتره المبلغ أمام شريكه الجديد ، وكان يعتبر ذلك صَكاً يعتمد عليه في ذلك الوقت .

بهذا الرأسمال الضخم من الشريك الجديد الدَّارُزي ؛ أجرى بكـو تسقيف البناء وتوضيب الأساسات ، وشراء الآلات وتركيبها .. و.. وتقديم قروض السلف الكثيرة للمزارعين .. ضماناً لجلب محاصيل الزيتون

إلى المنشأة .

كانت تلك السنة سنة خير وعطاء ، سبقتها سنون عجاف .. إضافة إلى ظهور قطاع الطرق والخارجين على القانون .. من أمثال المارد صالان ، والشبح ملازم ، والمتحذلق رشو .. الذين أقلقوا الراحة ، وأضاعوا الأمان في المنطقة .

لم يستطع كاظم ضبط نفسه بالتريث لنهاية الموسم ليقاسم الأرباح واستعادة رأسماله ؛  ودفعه تشوُّقه إلى زيارة شريكه في عزِّ الموسم .. للوقوف على العمل .. وهو يُمَنِّي نفسه بالأرباح الكثيرة .. وعند الخروج مرَّ بقبر أبيه وجده .. يخبرهم أنه ليس أقلَّ منهم فطنةً وذكاءً لتضخيم رأس ماله .. كما زيَّنَ له بكو .

وصل مدينة عفرين ، وانتظر بفارغ الصبر سيارة الجيب الوحيدة .. تقِلـُّهُ إلى عمرا في أعلى جبل ترتقيه رجلاه ، ونبهه سائق الجيب أن العودة من القرية تكون عادة في الخامسة صباحاً .

وصل القرية عصر ذلك اليوم ، واستغرب جمود بكو لأول وهلة !.. ثم انفرجت أساريره لاحقاً بما أتحفه بكو بالترحاب والكلام المعسول ، وزاد طمأنينة عندما طلب منه التريث قليلاً قبل دخول المعصرة .. وما هي لحظات .. حتى أحْضِرَ خروفٌ .. وتم ذبحه أمامه .. وطلب منه التخطي فوق الذبيحة .. إظهاراً للحفاوة العظيمة بقدومه حسبَ المعتقدات في ذلك الوقت .

ثم دخل دار بكو ، كما كان أبوه وجده يزورونهم من قبل ، وكأنه أحد أفراد الأسرة . ولم تمض فترة طويلة على جلوسه ، حتى وقعت الواقعة ...  رجـالٌ مدججون ببواريـد

الصيد والمسدسات ؛ يدخلون الدار ويخرجون .. وبوجوه توحي بالشرِّ كما بدا لكاظم .

فيستفسر كاظم من شريكه عنهم .. فأفاد بكو بخبثه : إنه صـالان !! .. إنه عَالِمٌ بِسِـمَنِكَ ( كناية عن الغنى ) ، وبوجودك هنا الليلة عن طريق جواسيسه ، جاء يطالب بفديةٍ كبيرةٍ ، وإلا قطع رأسك !.. فانقطعت أوتار قلبه خوفاً ، وانطوتْ صفحة المال عَرَقِ العمر من حسابه !.. ونقاشٌ حادٌّ يدور بين بكو وأعوانِهِ .. يوهم كاظماً دفاعه عنه ومساومته حفاظا على حياة شريكه ، وهو لا يفهم شيئاً من الحوار بغير لغته .. وكل ذلك يزيد حرقاً لأعصاب كاظم وانهياراً ... وبعد فترة ترقُّبٍ مرير كأنها الدهر .. أُفصح بكو لشريكه الضيف عن نتيجة المداولة حول كيفية حماية حياته ...

وفي تلك اللحظة ..مُدَّ خِوانُ الطعام أمام كاظم ، وتحت مظلة ثلاثة سبطانات البواريد لأعوان بكو .. دعا بكو ضيفه كاظم لتناول الطعام .. وحال فرط توتره .. دون القدرة على إيصال ملعقة الطعام إلى فمه .. حتى سقطتْ من يده على صينية الطعام ..!.. وبدأ يهامس نفسه : يا الله !! لم تبق لديَّ قوة لأفتح فمي !..

ورفعت صواني الطعام كما وضعت .. وبحركات استعراضية مدروسة مسبقاً .. وكأن الجنود ينقلون الذخيرة تحت قصف مدفعي كثيف .. في معركة حامية الوطيس .

وكان اتفاق الجمع على أن حياة كاظم ستكون أكثر أماناً في دار صهر بكو .. المتطرفة في شمالي القرية .. على مسافة نصف كيلو متر من المكان .. هكذا أسرَّ إليه بكو .. وبُدِئَ بتنفيذ خطة حماية الضيف . وهمه

تنفيذ مرماه الخبيث للخلاص من كاظم

نقل من دار بكو تحت الحماية المكثفة والمسلحة من أعوانه إلى الملاذ الأمن .. وما أن وصل الموكب ؛ حتى أدخل كاظم غرفة معتمة ، وأغلق عليه البابُ .. وهو يسمع حركات تنقل أشخاص على السطح ، ورصف أكياس الرمل لتأمين الستارة اللازمة للمدافعين .. هكذا يفسر له بكو .. وطرقات شديدة على باب المخدع ، تعقبها طلقات نارية  متتابعة .. ثم سكونٌ رعيب .. فأنينٌ مكتوم من قريب وبعيد .. هرجٌ ومرجٌ ، وأصوات استغاثة .. حتى الساعة الخامسة صباحاً .. فيفتح الباب بسرعة ، ويحيط بكاظم ثمانية أشخاص ببواريدهم .. يتقدمهم مسلحان يستكشفان خلوَّ الطريق من المعتدين ، وحارسان من الخلف .. حتى أوصلوه موقف سيارة الجيب .

ويالَسُوء الحظ !! .. لقد تكَدَّس في الجيب 15 راكباً فوق بعضهم " بدل 9 استيعاب الجيب " .. فالمستحيل ليست له مفردة في قاموس بكو .. فقد أوعز إلى كاظم بتسلق السُلَّم الخلفي للجيب ، وزيادة في الحيطة لسلامته ؛ ربطه به .. وكاظم مستسلم له لا يريد إلا الخلاص بروحه .. وانطلق الجيب يمشي الهوينا على الطريق الوعرة .. والانحدار الشديد، وحدوث توقعات القلبة إلى الوادي مراراً .. وكل ذلك يهون أمام قطع رأسه !.. دونما أيِّ خاطر حبيب يخطر في باله كيوم قدومه .. وأخيراً .. يتوقف الجيب في مدينة عفرين .. وكاظم غائب عن وعيه ، وعضلات يديه متصلبة متيبسة تماماً .. وبجهد كبير من الركاب ؛ تم إنزاله من السلم ..

ولا تسل كيف وصل بلدته دَارُزَيْ !.. ولم يمهله الزمن كثيراً ، حتى فارق الحياة ..

وكان بكو أخيراً في موقع الحدث .. لقد تنفَّثَ بأسىً عميقٍ في مجلس العزاء ببلدة دارزي ، وهو يتكلَّمُ بصوت يتقطر منه الحزنُ والألم : ..كل الصفات الحميدة كانت متوفرة في المرحوم .. لولا حسن ظنه بالناس وبساطته في عدم توثيق ديونه اكتفاءاً بتسجيله في دفتره لا أكثر !...

تلك كانت قنبلة بكو فجَّرها أمام ذوي المرحوم ، فقطع عليهم آخرَ أملٍ لعائلة كاظم في استرداد المال الذي سطره في سجله باسم بكو .

وهنا عقب الحكيم مصطفى قائلاً :هل يوجد قانون يستطيع محاسبة بكو على موت المسكين كاظم ، ورَدِّ مالِهِ لعائلته ؟؟!!...

ooo

التعسُّـفٌ القاتــل
حمو ؛ مختار القرية " المريض بداء الربو " ؛ أنموذج للإنسان المسالم الوديع .. غير أنه عصبي المزاج سريع التصرف ، مري قوي الشكيمة ، وقراراته فورية التنفيذ .

وكان خطأه الذي أودى بحياته ناتجاً من اضطراره لاسـتلافِ مبلغٍ من المال من بَكُـو " صاحب معصرة

الزيتون " .. جرياً على عادة أصحاب مواسم الزيتون في القرى .. ضماناً لجلب محصول الزيتون للعصر في منشأةِ المقرض ، فتتحقق الفائدة لكلا الطرفين .

دخلوا موسم حصاد الزيتون .. وبَلـَّغَ حمو صاحبَه الدائن لإرسال عماله في نقل أكياس الزيتون من داره إلى المعصرة .. فتراخى بكـو في تلبية طلبه لثلاثة أسباب :

1ـ أكياس الزيتون المكدَّسة في المعصرة فوق الطاقة اليومية للمكبس .

2ـ تخفيف الضغط على أزمة الدور الواجب اتباعه .. خاصة لغير المستلفين .

3ـ كونُ مستلف المال تحت رحمة صاحب المنشأة ، فلا يستطيع أخذ محصوله إلى معصرة أخرى .. مراعاة للضمان المتعارف عليه ، وإلا حُرِمَ من القرض ثانية .

وفي طريق عودة حمو إلى بيته صابراً على هذا التحَكـُّم ، يلتقى بـ / آزري / ابنة جاره الفتِيَّة الغضة .. التي أجرم الجهل بها وبأمثالها الجميلات ، حتى تورَّمت أجفانها ، وتشقَّقتْ شفاهها ، وانزوت نضارة شبابها تحت أثقال الأمراض .. في زمن لا يعرف الطبُّ والدواء مكاناً لهما .. إلا التمائم والحجيبات ..!.

وكم تألَّمَ حمو من تعرُّج هذه الفتاة الحلوة .. نتيجة غرز قطعة زجاج في قدمها اليمنى .. يوم ما كانت تبحث عن قطعة قماش على مزبلة الآغا .. لتلبس عروسها .. حتى ألَ بها الأمر إلى تجبير ورم رجلها بلفافات ثخينة من قبل جدتها ... إضافة إلى تعليق حجاب الشيخ حُسُّو في عنقها ، طرداً لعين الحسود !!.

وقف حمـو رغم أنفه ؛ لاسترواح أنفاسه المتقطعة بسبب الربو .. فتقع عينه على جمعٍ غفيرٍ يقترب منه ..

إنهم عائلة مَالَيْ عَفدي خلو ؟!..  تُرى ما هيَ وجهتهم ؟!.. يسائل المختار نفسه .. ولِمَ لا أعرف أسباب تحرُّكهم بعد الاستئذاَن مني كمختار !!.

استراح من جواب عفدي : إنهم قاصدون مزار ( جيل خانة ) ، للتبرك بالمقام ؛ رجاء زيادة حليب كنَّتهم لإشباع رضيعها !!... هكذا كان الظنُّ أيام زمان !!.

مضتْ مراجعات حمو الكثيرة عبثاً " لدى صاحب المعصرة بكو " . وفي كل مرة يأتي بالتسويف القاتل ، دونما رحمة بصيرورة الزيتون للتفسُّخ ، وهو الموسم السنوي الوحيد للمعيشة .. استعمار مقيت من مُسَلِّفِي معاصر الزيتون !!..

اشـتد غضب حمو من إذلال بكـو له جَرَّاءَ دَيْنِهِ في ضائقته ،  ولم يجدْ بُـداًّ من المضيِّ سراً إلى معصرة حسـن في قرية آلكانا .. شاكيا إليه ظلم بكو .. ويرجوه نقل أكياس الزيتون من داره إلى معصرته .. فكانت الاستجابة فورية .. نظراً لأن عمل منشأته ضعيفٌ جداً ، ولعدم قدرته على تسليف أصحاب المواسم من سيولته النقدية . وكم كان يتمنى لو يملك مصدراً لهذه السيولة لتنشيط منشأته " مثل بكـو الذي يسيطر على الساحة في المنطقة بما يملك من المال " !!.    

نقل الخبر إلى سمع بكو ، فاستنفر رجالهُ يحملون أكياس حمو مصادرة إلى مكبسه ، يضعونها بجانب المزبلة .. تأديباً له على تجاوزه .. ومخالفته عهدة الالتزام من جهة ، وإظهاراً لجبروت مالكي رؤوس الأموال ، وإنذاراً لكل مَدينٍ مستلِفٍ يجاري حمـو فـي تمرُّده على عرف الاستلاف .. ولو على حساب

تعفُّن  زيتونه !.. ما أشدَّ مرارة التحكُّم بمحاصيل الناس الضعفاء !!.

فلم يتمكَّن أحدٌ من الكلام ببنت شفة .. صمتٌ ذليلٌ يخيم على الميدان ، وسرى الخبر في كل مكان .. لأصحاب المواسم والمعاصر معاً .. وكلٌّ يحتاط للأمر ، ولا يجرؤ أحد على عصر محصوله .. خوفاً من شر المسيطر الباغي !!.

عاود حمـو رجاءه المتكرر من بكو لعصر محصوله .. ولكن لا حياة لمن تنادي ، بل زاد الطين بلةً ؛ أن أهمل بكو نهائياً إظهار أي مجاملة معه ، كما كان يفعل سابقاً .

فلم ينفع حمو جميعُ أنواع استنجاده بأصحاب المعاصر الأخرى .. وبأبناء قريته .. وبأخيه .. كلهم خذلوه .. ولم يبق أمامه إلا حماره وقوته البدنية في شيخوخته .

جاء إلى كومة أكياسه في ساحة معصرة بكو .. وهو يتميَّز حقداً وذِلَّة ، وأوقف حماره بجانب الكومة ، ولفَّ رَسَنَهُ بمِعْصَمِهِ ، واحتضن كيس الزيتون الذي بحجمه .. رافعاً إياه مراراً ليضعه على ظهر الحمار .. وعبثا كانت المحاولات .. بل بات الحمار ينزاح شيئاً فشيئاً نحو كومة المزبلة .. نتيجة ضعف قوته .. إلى أن حاول أخيراً بكل عزمه وضع الكيس .. مما سبَّب قلبَ الحمار على النفايات الآسنة .. فالهُويّ بالكيس وصاحبه متدحرجاً نحو الوادي السحيق !!.

وحَدِّث عن الكسور .. والضياع .. في هذا الفصل البارد .. للحمار.. ولِحَمُـو المريض بالربو .. والزيتون !!!.. ضاع كل شيءٍ بلا رحمة !!..

أنهى الحكيم حديثه : من المسؤول عن مقتل المختار ؟؟!!..

كُـريف المسكين

لِقِلَّةِ العمال .. اضطرَّ " بَكُـو " إلى الاعتماد على رجل من الكُريف ، جاء من عفرين يستجديه بما تجود به نفسه من المال ، كما هي عادتهم في تأمين معيشتهم .

فبدلاً من تطييب خاطره بالكلام المعسول .. فرض عليه العمل في الفوج الليلي مع عمال منشأته " معصرة الزيتون " . رضخ المسكين للأمر خوفاً من عواقب الرفض ، وهم لم يتعوَّدُوا هذه الأعمال الرتيبة والمتعبة .. إلا الطرب والنغم الساريين في لا شعورهم .

وبدأ العمل بثقله على مضض ؛ وهو يترقَّبُ غفلة من عيون بكُـو .. للفرار . وما أن جاءته تلك الفرصة ؛ حتى نسَلَ خلف ستارة الجورة الفنية ( متكوِّراً على رصيف ضيِّقٍ يحيط بالجُورة الكبيرة ـ مُجَمَّعِ الحثالة لعصر الزيتون " كُوْرْتيْ آفَيْ رَشْ " ـ الموجودة في كل معصرةٍ .. بقصد كسب الزيت الطافي على العكر الأسود مع الأيام ) .

لاحظتْه عيونُ بكـو من بعيد ،  فأسرعَ نحو الستار ليضبطَ الكريف .. فكانت صرخته المدوية .. وأفقد الفزع توازنَهُ عندما حاول الوقوف .. فترنَّح ساقطاً في البركة ، يختفي  ويعوم مراراً .. ولولا خوف المسؤولية القانونية ؛ لما أنقذه عمال بكو .. حباً في نجدته . خاصة وأن بكو قد أيقن عدم فائدة ترجى منه .. بعد ابتلاع حسواتٍ من مياه العَكَر .

فكان التراكتور .. جَرَّارُ نقل مخلفات العصر ( البيرين ) قد تمتْ حمولته ، وطلب بكو حمل الكريف على البيرين ، ليوصلوه في طريقهم إلى داره بعفرين .

انطلق تراكتور الإسعاف في جو قارس .. وكان الكريف بعد خمس ساعات على فراشه في داره ، وهو متصلِّبٌ كقطعة خشـب ، والأهل يترقبون سريان الدِّفءِ إلى جسمه لإنعاشه ؛ ولم يكن أحدٌ يفكر بمراجعة طبيبٍ .. في زمن ندرة المال في الجيوب ، وجلُّ هَمِّ الناس إملاء البطون الجائعة بشيءٍ من البرغل أو العدس لا غير ، تاركين أمر المرضى للقدر الإلهي جهلا منهم بالأدوية ولزوم طلب العلاج !! .

وحاول أهله عبثاً بترغيبه في احتساء شوربة العدس الساخنة ، لاستعادة الدفء إلى فرائصه .. لكن المسكين في حالة من اللاوعي .. وتوالت أيام قليلة ، حتى قضى نحبه ، وحمل على الأكتاف إلى مثواه الأخير في مقبرة الزيدية المطلة على بلدة عفرين .

تعليق الحكيم الراوي : أيوجد شرع يقاضي بكو على جريمته بحق المسكين كريف !!.

«
«

قاتــل حماته

سعى بكـو لدى حماته الأرملة لإدارة أملاك عمه المرحوم ؛ فرفضـتْ . وانتقل إلى الإرهاب والتهديد وسيلة لتنازلها ؛ فلم يفلح .. ولم يقدِّر لها كبر سـنها ، ولا ضعف بنيتها ، ولا مرضها القلبي . وكلُّ هوَسِـهِ هو التصرُّفُ بأملاك عمه .. ووالد زوجته .

لجأ بكو إلى أسلوب خسيس نحوها .. بفرض ستار حديديٍّ حولها .. لتبقى وحيدة بلا معين ولا أنيس .. حتى زوجته زينو المسكينة .. منعها من مدِّ يد العون إلى أمها .. زوجٌ قسى قلبه كالحجر ، وجُبلت أحاسيسه بعصارة الانفعال من أبسط الأمور ، واللجوء إلى الشدة لأتفه الأسباب ، وما باليد حيلة أمام جبروته وعقوباته وضرباته الوحشية !!...

وكم كانت زينو تندب حظها بهذا الزواج المقيـت .. وهي المظلومة المهينة تتمنى الانتقام لكرامتها .. ولكن من يستطيع مجابهة هذا المتعالي الجبار !..

فلم تجد هذه الكسيرة المظلومة شـيئاً ، تُبَرِّدُ به قلبها الجرح .. إلا طربوشـَه الأحمرَ " العزيزَ على نفسه ، يلبسه في مناسبات خاصة " ، وعكازته المدللة " التي طالما هَـوَى بها ضرباً لها لأدنى التهم والأسباب !.

فما أن تتأكد من خروج زوجها من الدار ؛ حتى تضع طربوشه أمامها .. متصورة وجوده على رأس زوجها ، وتهوي بعصاه يمنة ويسرة على الطربوش .. وهي ممتلئة بروح الانتقام ، وتطلق من فمها شتى أنواع قذائف المسبَّات والتحقير .. إضافة إلى التهديد والوعيد بعقوبات أشدَّ .. إذا استمر في مضايقات أمها "

حماته " ..!!...

وما أن تشفي زينو غليلها وجامَّ غضبها بتلك العقوبة الخيالية ، وتخفف ما يختلج في نفسها من كره وحقد على الطربوش ، وتستكين .. حتى يفاجئها الخوفُ من زوجها .. فيما لو رأى طربوشه بهذه الحالة المزرية .. فتسرع إليه واضعة إياه على ركبتها تعدِّله من جميع أطرافه ، وتضعه في مكانه على العلاقة مع العصا .

هاهو بكو يعود أدراجه إلى داره ، ويدلف الغرفة ، فيدلي بأول نظرة فاحصة على القلنسوة والعصى .. فيتمتم بصوت مسموع : أعتقد أن أيادٍ ما عبثت بالقلنسوة ؟.. وهو يبحث عن أي عذر أو إثارة .. لإشباع زوجته بالضرب . وكم ذاقت من عبثياته والويلات من ظلمه خلال عمرها معه ..

وخاصة أمها العجوز " حماتها " التي بقيت بلا عونٍ في حياتها ، ولا مَنْ يقـدم لها خدمة .. ومن يجرؤ على ذلك من هذا الطاغية !!.. وها هي المسكينة قد سـقطت في دارها ، وانكسرت ساقها مولولة .. مستغيثة .. مستنجدة الناس .. فلا مجير !!.. حتى أغمي عليها ، وبقيت كذلك تجترُّ آلامها .. إلى أن فارقت الحياة !!.. ولم يشعر بها أحـد

إلا بمرور أسبوع على وفاتها !! ...

وما أن تيقن بكو من وفاتها ؛ حتى كأنه كان قد تخرَّجَ من معهد التمثيل آنفـاً مُتقِناً فنَّ البكاء والعويل ، وذرف الدموع مدراراً ، ولم يرض إلا أن تتم مراسم الدفن والعزاء من داره ، وأقام على روحها مناسبات ( سَيْرُوكْ ، حَفْتَكْ ، جَيْلـَكْ ) على نفقته .

وبهذا التمثيل الذي يعجز عنه مَنْ بلع عشرة أبالسة .. بلع بكو موسم تلك السنة لحماتها ـ زوجة عمه ـ بالتمام والكمال .. ولما اعترضت ابنتها ـ التي هي زوجته ـ ؛ أغلق فاها بلزاقات البهدلة ، وأوصاف العجوز الشمطاء .. فتراجعت المسكينة مخذولة ، ضعيفة الحجة .. مكبولة اللجام أمام سطوة المتجبرين .. فأرتخت عزائمها عن المضي في الدفاع عن حقها المسلوب .

وكانت حصة بكو من تركة المرحومة وعمه لحمة الكعكة فقط ، وحصص أصحاب الحقوق الأصليين تلك المساحة الفارغة داخل الكعكة بتمامها .. ويا له من قسمة ضيزى !!!...

© أعاد الحكيم مصطفى جملته الشهيرة : من المسؤول عن مقتل حماة بكو ؟.

ملاحظة :

أنتظر معكـم أن يخصص الحكيم : مصطفى كل حبش وقتاً ، لكي يتحفنا بالحادثة السادسة والسابعة .

¯

الأقـَلُّ ضَـرَراً

كنت أعطي دروساً في الفلاء لأفراد فصيلتي منذ عقدين ونيف . لاحظنا اقتراب رفٍ من عصافير الحنة ( الجرك ) ، وشاهدنا في الفضاء الرحيب طيرَ الباشق ينقض على الرف المتماسك .. فتمكن بتوازنه ومناورته مِنْ إفشال خطة الباشق .

لكن المعتدي لم يهدأ ، فعاود المحاولة من جديد محاولاً زعزعة وحدة الصف ، وبعد جهد كبير ، تمكن من فصل عصفورٍ عن باقي الصف ، لاحقه مراراً لاقتناصه .. فيفشل .. وما كان من العصفور اليائس .. إلا أن هبط عمودياً تجاه حلقة فصيلتنا التي أتوسطها ، واستقر قرب قدمي ساكنا لا حراك فيه .

وانصرف الباشـق خائباً ، وتناولتُ العصفورَ مندهشاَ من استسلامه العجيب .. مشلول الحركة .. راضيا بمصيره المجهول بين يدي إنسان !!.. أدخلته الخيمة .. وشربَ ماءً ، عازفاً عن حبات القمح ...

 أمهلته فترة حتى استعاد حيويته ، فوضعته على يدي أمام الخيمة ، وجال ببصره في السماء الرحب .. ولما أيقن من غياب الباشق ، طار نحو السماء حراً طليقاً معافى !! .

فأدركتُ أنَّ الركون للعدو الأقلِّ خطراً ؛ أفضل من الاستسلام للعدو الأكثر خطراً .

المهندس محمد حسن / قرية عندارة

¯¯

مِنْ حكايـا المغتربين

عزت خليل من قرية " سَيْوِيَـا " قال :

في بداية  اغترابي منذ عشرين سنة مضت ، كنت أعمل لدى شركة سويدية مختصة بالأدوية الطبية ، يملكها رجلُ سويدي ، يدعى ليخن شتاين .

تضم شركته 450 عاملاً ، إلى جانب 1750 مهندساًً وخبيراً . وحقق لي الوفرُ الماديُّ رغباتٍ جمة .. بما فيها سيارة من طراز قديم .

وكان من سياسة الشركة إشراكُ بعض العاملين في صفقاتها التجارية ، حتى كنت أحدَ ممثليها في جلسة المفاوضات بين الشركة وبعض التجار المصريين .

اقترح المفاوضون زيادة الكمية .. مقابل خفض نسبة فاعلية الدواء .. فرفض الطلب من ممثلي الشركة . أعاد تجار مصر التماسهم بطلب أنواع أدويةٍ .. انتهى تاريخ الصلاحية .. فكان الجواب .. بالرفض أيضاً . هكذا التجارة الآمنة .

ومن جملة الضمانات المتبعة في الشركة : عدم السماح للعامل برفع أيِّ شيءٍ يزيد وزنه عن 20 كغ ، وعليه استخدام الرافعة للشيء الثقيل .

حاولت مرة رفع صندوقٍ يزن 25 كغ .. فحذَّرَني رئيسي المباشر قائلاً : إن إدارة الشركة غير مستعدةٍ لإعاشتك مُقعَداً بقية حياتك !.

أما عن النظافة " في الأرض والجدران ومحتويات الشركة " .. فحَدِّثْ مهما بالغتَ !!. حتى أثناء فرصة عشر دقائق للاستراحة .. فإن الفتاة النشيطة لينا لا تهدأ .. تؤدي عملها بكل إخلاص . ويصدف أحياناً أنها تطالبني بإزاحة قدمي ، ليتسنى لها تنظيف ما تحت الحذاء !!..

وكم كانت دهشتي كبيرة ؛ عندما انصرفت من العمل في ساعة انصرافها .. ورأيتها تركب أحدث نوعٍ للسيارات الرياضية الفارهة الغالية ..!.. وعندما لاحظت استغرابي لوَّحَتْ بيدها قائلة : هـَـايْ ... هل تعلمون مَنْ كانت تلك الفتاة المخلصة المتقنة في عملها بعدما استفسرت عنها ؟! . إنها بنت السيد ليخن شتاين مالك الشركة !!!.

¯

كل شيء صحيح في هذا الكون ، إلا إذا تدخلتْ يدُ البشر فيه !.

==========

======

 عَجْـبُ الُذنـَبِ

 إذا مات الإنسـان ؛ يبلى جـسده كله إلا عَجْبُ الذنب ، ومنه يخلق الإنسان من جديد يوم القيامة .

وثبت أن هذا الشـريط الإولىَّ ، يندثر فيما عدا جزء يـسير يبقى في نهاية العمود الفقري ( العصعص ) .

ذكرها الرسول r في أحاديث عديدة . وأثبتتْ مجموعة من علماء الصين في عدد من التجارب المخبرية إستحالة إفناء عجب الذنب ، لا كيميائياً بأقوى الأحماض ، ولا فيزيائياً بالحرق أو السحق أو التعريض للأشعة .

بقي أن نذكر أن عجب الذنب يخلق في اليوم الخامس عشرة من تلقيح البييضة .

( موسوعة الإعجاز العلمي ـ يوسف الحاج أحمد ـ مكتبة الحجرـ دمشق /ص 167)

©©

وهذا سأقتنيه لأقتلك به

ـ تساءَل الدكتور رستم حسو في حفلة عرس بن أختي عن مستوى جمال العروس .

قيل له : جمالها متواضع .

ـ عقب قائلاً : رجاءً لا تخطئوا كما أخطأ جدي وأبي من قبل ! .

احرصوا على انتقاء فتياتٍ جميلاتٍ زوجاتٍ لأولادكم ، أنا وأخي تزحلقنا على روث بقرة جرباء ، نتحسَّر .. ونتحسر .. ولا جـدوى .

فوالدي ضـليع في انتقاء بواريد الصـيد الجيدة ، لكنه فاشل كبير في انتقاء عروس جميلة لأحد أولاده ، كما كان أبوه من قبل ( أقصد جدي ).

 يملك والدي وسـامة الوجه ، وسـلاطة اللسان ، وبداهة الطرفة . وباختصار : ذو الحضور القوي والملفت في أي جلسة كانت .

ـ سئل مرة : ما نصيبك من الدنيا ؟ . أكان الحظ أم السلطان ( تخْتْ ، وُلاّ بَخْتْ ) ؟.
ـ رد قائلاً : لا هذا ولا ذاك ، لقد حرمني الله من النعمتين . ثم تابع السَّرْدَ ..

في أوائل السبعينات من القرن الماضي .. بُدئَ بمشروع إنشاء سد الفرات ، فتوافد الكثيرون إليه ؛ رجاء العمل ، وتحسين مستوى معيشتهم .. وكان والدي من بينهم .

وأتلفت من تجمعهم قرية .. دعيت بـ : الطبقة .

جاورنا رجل دميم الخلقة في الطبقة ، وزاد من دمامته ؛ تشَوُّهُ وجهه بعد حادث سير مؤلم . ويشاء القدر أنْ تكون له زوجة .. هي أية في الجمال الخلاق المبدع . ومنه كانت تكنَّى " بفاطمة المغربية " .

مضت الأيام الخوالي ، وإذا بجارنا الدميم ، يطلب من والدي مساعدته في اقتناء بارودة صيدٍ .. لا تخطئ الهدف ، مهما كان ثمنها .

وبعد جهد جهيد وبحث منقطع النظير ، نجح الفريق الثنائي .. المؤلف من والدي وجارنا إلى تحقيق المراد .

وأثناء المساومة ؛ طلب البائع ثمناً مرتفعاً . وهنا تساءل والدي ؛ مستفسراً من جارنا عن دواعي استماتته في اقتناء بارودة صيد بهذا المستوى من الغلاء .

أجاب جارنا بسرعة وبصوت جهوري لا يخلو من الانفعال المكبوت منذ زمن بعيد : لأقتلك به !.

إن زوجتي لا تنفك دائماً في سرد قصصك وحكاياك .

حلب ـا 11/12/2004

لا تأفَّفْ من خدمة .. لم يقدمه الوطن لك ؛ بل وجه تفكيرك إلى : ماذا قدمتَ للوطن .

+

أقوى حجة ترسخ أفكارك في عقول الآخرين ؛ هي : التحدث بالحقائق .

 

:

إذا انتخبتم غيري

لقد انتخبتموني سـنة 1967 .. فخدمت مصالحي .. وعندي الآن سيارة وفيلا .

وإذا انتخبتموني الآن ؛ فإنني سأخدم مصالحكم ، أما إذا انتخبتم غيري فإنه سيبدأ كما بدأت أنا .

مرشح في انتخابات المجالس المحلية بالجزائر

 نقلاً عن مجلة المصور المصرية 1971

d


لماذا يتفوق اليابانيون ؟

هل حقاً ؛ يتفوق اليابانيون على كل شعوب الأرض قاطبة ؟!!..

وما هي أسباب نجاحهم ؟. وهل هم حقاً يتميزون عن غيرهم بصفات خاصة بهم ؟. هذه الأسئلة واستفسارات عديدة أُخرى تتبادر إلى أذهاننا .

رحت أبحث عن الأجوبة .. وتوصلت إلي ما يلي :

1ـ لا يملك اليابانيون صفات أو ميزات منفيَّةٍ عن الشعوب الأخرى ، فقد خرجوا من الحرب العالمية الثانية مهزومين .. وأكثر بيوتهم مهدمة ، وسـحق صفوة علمائهـم ،  وأبيدت جل مـصانعهم ، وجمدت العقول النيِّرة ، وحُطِّمَ كلُّ ما هو نبيل في مجتمع كان يعتبر متطوراً وفق منظور ذلك العصر .

 خرج اليابانيون من الحـرب متولين الأدبار ، والخراب محيط بكل مكان .. والمحتل قابع على صدورهم .. فبدل التأفـف والنقـد .. والشعور بالخذلان وتعليق الهموم والمشاكل بالآخرين ... توجه الياباني إلى العمل 18 ساعة يومياً .

2ـ معيار الياباني : الإنتاج هو الأساس الذي يحدد الأجر والمرتبة الوظيفية . فالعامل الأكثر إنتاجاً ؛ هو أهلٌ للأجر الأكبر .

3ـ الإتقان : هـو المعيار الثالث . فالعامل الذي يتقن ما ينتجه ؛ هو الأكثر تقديراً وأجراً من العامل الذي لم يبلغ درجته في الاتقـان .

5ـ من خلال إحصائية جرت بين اليابان وأمريكا ؛ تبين أن كل /99000 / شخصاً في اليابان .. لهم محام واحد . بينما في أمريكا ؛ وجود محام واحد مقابل عشرة ألاف شخص . وهذا دليل على أن معاناة اليابانيين أقل من الأمريكيين بعشـر مرات ، وبالتالي يعني أنَّ إنتاجهم أعلى من إنتاج الأمريكيين بعشرة أضعاف .

في اليابان : إدارات المعامل والمصانع والمؤسسات ؛ تشـارك في إيجاد الحلـول لعامليهم ، ويقومون بزيارات في بيوتهم لتذليل صعوبات حياتهم ومشاكلها التي يعاني منها العامل .

6ـ هم يعتزون بتمسكهم بتراثهم وعاداتهم . فقد تحدَّثَ أحدُ الدبلوماسيين اللبنانيين : أنه دخل صالة الفندق .. فإذا جمع غفير من اليابانيين يحضرون حفلة عرس يابانية .

لاحظ المتطفل أن العروس قد زينت وجهها بألوان من الأصباغ المتنافرة ، كما كانت عادة اليابانيين قبل مائتي سنة .

سئل الدبلوماسـي مرافقه مستغرباً : كيف شـمل التطورُ جميعَ النواحي باستثناء هذا الجانب ؟ . أجابه المرافق : إن هذه العادات هي التي تميز اليابانيين عن غيرهم !!.

وأورد صحفيٌّ آخر : أن زوجين من اليابانيين كانا يدرسان في باريس ، ويعملان سوية في مطعم باريسي لغسل الأطباق سداً لمصروفهما . ولما عادا إلى اليابان ؛ صارت الزوجة تغسل رجليّ زوجها .. كما هي العادة في اليابان .

7ـ إنهم يقدسون النظام والقانون : عندما زرت محطة توليد كهرباء حلب .. بتنفيذ شركة ميتسو بيشي اليابانية ؛ لاحظت تحركات عمال الشركة المنفذة ، وكأنهم أشخاص آليون ( روبوت ) ، يسيرون على سكك حديدية .. تكاد الأكتاف تتلامس أثناء تنقلاتهم  في ساحة المعمل ، فلا يجامل أحدهم الأخرَ بتحية ، أو كلمة إطراء وذلك أثناء العمل .

8ـ إنهم لا يتقيدون بساعات العمل ؛ فلا يغادر العامل موقع عمله إلا بعد الانتهاء من وجبته الإنتاجية المحددة ؛ مهما استغرق الزمن .. ولو بعد فترة العمل المقررة .

وعند إنجاز الحصة قبل انتهاء فترة الدوام المحدد ؛ فللعامل : حرية المغادرة لموقع العمل ، أو زيادة إنتاجه .. للحصول على زيادة في الأجر الإضافي .

9ـ إنهم لا يعرفون الكبرياء . التقيتُ بمهتمة باللغة العربية ، رافقتْ زميلة لها إلى شركة كهرباء حلب . و عندما تحدثت معها .. لاحظت أنها متواضعة من أخمص قدميها إلى أعلى شعرة في رأسها .

وتناول صحفي آخر تواضعهم بالقول : عندما زار وفد ياباني مركزاً طبياً في دولة أجنبية ، وأثناء الزيارة في أقسام المركز ، عرَّفوه على الكادر الطبي في المركز .

ولما انتهى المترجم من تقديمهم ؛  انحنى رئيس الوفد الياباني لأقربهم .. مشيراً بيده نحو الأسفل .. فانحنى الطبيب المواجه .. ظانّاً أنها التحية اليابانية التقليدية .

غير أن رئيس الوفد الياباني كرَّرَ نفسَ الحركة ؛ وهو يقصد استشارة الطبيب في مشكلة كان يعاني منها في قدمه ، لا تكرار التحية .

10ـ إنهم لا يسمحون لذوي القدرات أن يتقاعدوا . فالأشخاص المتميزون بمواهب فذة ، يستطيعون الاستمرار في أعمالهم المبدعة دونما تقاعد .. حتى لا يتعطل إنتاجهم الفريد .

وأخيراً هل عرفت عزيزي لماذا يتفوق اليابانيون على غيرهم ؟؟!! .


هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

إسمك :
المدينة :
عنوان التعليق :
التعليق :


 
 |    مشاهدة  ( 2 )   | 
http://www.tirejafrin.com/index.php?page=category&category_id=204&lang=ar&lang=ar