الفن والثقافة والتراث هوية الشعوب ... فلنحافظ على تراثنا الفلكلوري الكردي ..... لمتابعة آغاني الملاحم الكردية والتراثية اضغط هنا  ::::   أحبتي زوار موقع تيريج عفرين ..... قريباً سيعود الموقع إلى نشاطه السابق . ::::   آخر لقطات بعدسة تيريج عفرين .... شاهد الصور  ::::    شاهد الآن كليب تيريجن عفرين 4.... تيريج روج آفا - الجزء الرابع  ::::    الوديان في منطقة عفرين ... اقرأ المزيد  ::::    سياحة من تراثنا الشعبي ..... المضافات في منطقة عفرين ودورها الاجتماعي  ::::   أهلا بكم في موقع تيريج عفرين ....... Hûn bi xêr hatin :::: 
EN
Fri - 3 / May / 2024 - 4:27 am
 
 
http://www.tirejafrin.com/site/bayram.htm
الزاوية الأدبية »
الحلقة السادسة

ذكريات من سفربرلك

"الحرب العالمية الأولى"

 وأعود لذكريات أجدادي ممن خاضوا الحرب العالمية الأولى " حرب السفربرلك "

كما يسمونها، وفي هذه المرّة سأحدثكم بما سمعته من جدّي مصطفى الذي كان عمّ والدي ، وكنا نحن صغار العائلة نناديه بـ "جدّو ـ تماما، كما كنا ننادي جدّنا والد والدنا .

 وجدّي مصطفى هذا كان جنديا في الحرب التي ذكرتها لكم " حرب السفر برلك " ، وكانت له فيها ومنها وعنها ذكريات كثيرة ، كان يحدّث الناس عنها في أمسيات الشتاء بخاصة ، وكنا نحن صغار العائلة نجلس ونستمع إليها باهتمام مع الكبار .

   مرّة حدثنا جدي مصطفى فقال :

  أتت الأوامر إلى كتيبتنا بالاستعداد للانتقال إلى المدينة المنورة في أرض الحجاز الشريف لدعم قواتنا هناك ، كانت كتيبتنا في غرب اسطنبول ، في أرض البلقان ، وبظرف يومين أو ثلاث كنا نتحرّك باتجاه اسطنبول ، ومنها سرنا جنوباً باتجاه بلاد الشام " شام شريف " ، كنا فرحين في سيرنا ذاك ، كنا سندوس أرض الشام الطاهرة كما حدثونا ، وكان يزيد من فرحنا أننا سنذهب إلى أرض الحجاز ، الأرض التي عاش عليها رسولنا الكريم محمد (ص )  ، وكان هذا يجعلنا نتقبل الآلام التي كنا نشعر بها بصبر وجلد عجيبين، بل كانت تهون في سبيل هدفنا ذاك .

  كنا نسير سيراً على الأقدام حاملين على ظهورنا أحمالا ثقيلة ، كنا نحمل عتادنا الشخصي وسلاحنا وعدّة نومنا ،كل ذلك كنا نحمله ونسير سيرأ على الأقدام ، ثلاثة رجال من قيادة الكتيبة كانوا يركبون الأحصنة ،"الآغا "  قائد الكتيبة ، ورئيس أركانه ، ومحاسب الكتيبة ، هؤلاء فقط كانوا راكبين ، والبقيّة كانوا يمشون ، كنا نمشي بعد صلاة الفجر وحتى قبيل الظهيرة ، حيث كنا نتوقّف للوضوء و الصلاة وتناول الطعام ، وقبيل العصر كنا نبدأ السير من جديد وحتى قبيل المساء ، حيث كنا نتوقف للعشاء والمبيت حتى الفجر ، وهكذا ظللنا نسير أكثر من شهرين حتى وصلنا إلى تخوم الحجاز ، كان قد هلك بعضنا أثناء سيرنا الطويل هذا ، وكنا ندفن من يموت ونتابع سيرنا بصبر وتحمّل شديدين كما ذكرت .

     حين دخلنا أرض الحجاز عكسنا أوقات سيرنا ، صرنا نسير ليلا وننام نهاراً ، كان الحرّ الشديد يمنعنا من السير نهارا   وهكذا صرنا نمشي مع  بداية حلول الظلام ، ولا نتوقّف إلا عند الفجر حيث كنا نتوضأ ونصلي الفجر، ثم نتناول ما تيسّر من طعام ، ثم نلجأ إلى خيامنا وننام حتى العصر ، ومع العصر كنا ننهض للوضوء والصلاة وإعداد الطعام ، وتجهيز أنفسنا للسير من جديد ، كان هذا دأبنا خلال سيرنا المتعب المنهك ذاك ، وكنا نسمع خلال سيرنا  أنباء عن معارك تدور ها هنا وها هناك ، بين قواتنا وقوات الإنكليز وحلفائهم ، وكنا نعرف أن خسائر كثيرة تقع بين صفوف قواتنا ، ولكننا كنا نعزّي أنفسنا بأننا ندافع عن ديننا  وبلادنا ، وأن من يسقط دفاعاً عن دينه وبلاده فهو شهيد ، والشهادة مرتبة كنا نتمنّاها .

  ويضيف جدّي بعد توقّف قصير فيقول : حين وصلنا أرض الحجاز كان التعب قد نال منا كثيراً ، وزاد الأمر سوءاً شدّة الحرارة ، وهذا ما دفعني في بعض الليلي المقمرة إلى الترنّم بلحن أغنية قديمة تتحدث عن الحب والشوق للأهل والأحبّة ، وبعد يومين أو ثلاثة وكنت أسير في مؤخرة السائرين ، فوجئت بالآغا قائد الكتيبة بجانبي ، كان يسير خلف الجند ممسكاً بلجام حصانه الذي كان يمشي خلفه ، فوجئت به بجانبي يسلم عليّ ثم يسألني :

 ـ  ما اسمك ومن أي البلاد أنت يا ولدي ؟

 ـ اسمي مصطفى وأنا من قرية في شمال حلب يا آغا ، قرية تقع في وسط جبل الكرد شمال حلب .

 ـ وهل تعرف الغناء يا ولدي ؟ لقد سمعتك تدندن بلحن وكلام فيه شوق وحنين ، أليس كذلك ؟

 ـ نعم يا آغا ، كان ذلك .

 ـ إذن غنّ لي أغنية جميلة يا ولدي ، لقد أدمت هذه الحرب افئدتنا ونفوسنا يا ولدي .

 ـ وماذا تريد أن أغني لك يا آغا ؟

 ـ غنّ لي أغنية " مم و زين " يا ولدي .

 ـ ولكن يا آغا هذه أغنية حبٍّ وليست أغنية حرب ، فهل أغني لك يا آغا أغنية فيها بطولة وقوة وحديث عن الانتصارات والبطولات ؟

 ـ أجبني يا مصطفى ، ألك قبر جدٍّ تزوره في الأعياد والمناسبات ؟

 ـ نعم يا آغا لي قبر جدٍّ وأزوره كما قلت .

 ـ وهل كنت تراقب والدك حين كنت صغيراً وهو يصلّي ثم يجلس على سجادته ويتلو أدعياته؟

 ـ نعم يا آغا كنت أفعل ذلك تماماً ، وأذكر ذلك جيداً .

 ـ وهل تناولت يوماً رغيف خبزٍ ساخن من يد والدتك وهي تخبز، ولففت به بصلةً خضراء وعرقاً أو عرقين من البقدونس والنعناع من حاكورة بيتكم ، وتناولته بشهية كبيرة ؟

 ـ كان ذلك أطيب طعامٍ تناولته بحياتي يا آغا .

 ـ ونأتي للأهم يا مصطفى ، أكانت لك صبية جميلة تحبّها وتنتظرها على طريق العين ، لتسرق من عينيها نظرة حبٍّ وودٍّ ؟

 ـ لا أزال أذكرها يا آغا , ولا أدري ما جرى لها بعد غيبتي الطويلة هذه ؟

 ـ أنا أزيد عنك يا مصطفى بأن تلك الصبية هي زوجتي الآن ، وأراها في صحوي ومنامي وهي تعمل في الحاكورة ،  وولدي الصغير يتبعها ممسكاً بذيل ثوبها ، وهي تنظر إليّ بين اللحظة والأخرى منتظرةً عودتي .

 ـ أعادك الله لها بالخير والسلامة يا آغا .

   وتنهد الآغا كبيرنا وأضاف :

 ـ يا مصطفى يا ولدي ، كل ما سألتك عنه هو ما يسمونه الوطن ، وهو الذي يجعلنا نتحمّل كل هذا العذاب بصبر ، والبطولة الحقيقية يا ولدي هي أن تحمي هؤلاء من كل أذى ، ومن الوقوع تحت حكم الأعداء ، فدع عنك كلام البطولات وهات غنّ لي أغنية  " مم و زين " أغنية الحب الخالدة ، ودعنا نفرح قلوبنا بالذكريات الجميلة .

حكايات من أيام فرنسا

البِغالْ *

( وعربة الجنرال غورو )

  تقول الحكاية عن شاهد عيان :

   بعد معركة ميسلون سنة 1920 م ،ودخول القوّات الفرنسية دمشق غازية ،وبعد استتباب الأمن مبدئيّاً لهم ،وبعد إعداد مقرّ لقائد تلك القوّات( الجنرال غورو ) في بناية (العابد) المطلّة على ساحة  ( المرجة)  في دمشق،بعد أن تمّ كل ذلك ،تحرّك موكب الجنرال من بيروت قاصداً دمشق ، وكان موكباً مؤلّفاً من عرباتٍ تجرّها الخيول والبغال .

     وسمع أهل الشام بقدوم الجنرال الغازي، فأسرع المنافقون والمستسلمون والانتهازيون، فأعدّوا له استقبالاً حسناً خارج دمشق عند قرية دمّر المعروفة ،وحين أهلّ عليهم، راحوا يدبكون ويهتفون بحياته وفضائله ومكرماته، ثم تقدّموا من عربة الجنرال وهم بأزيائهم الشعبية ،وكانت تجرّها ستة بغال، فحلّوا أربطتها ، ونحروا الذبائح عند أقدام الجنرال زيادة  في التكريم والاحترام  .

   وبعد ذبح الخراف أُخذ  ( غورو ) إلى خيمةٍ أعدّت للترحيب به ، وهناك جاءه زعماء المستقبلين، والقوا أمامه خطب التهنئة والترحيب بقدومه ،وبعد أن انتهت تلك المراسم، قام الجنرال ليركب عربته ويتابع طريقه إلى دمشق ، ولكنه فوجيء بستّةٍ شبّانٍ أقوياء، يسرعون إلى العربة ويمنعون الخدم من ربط الخيول إليها، ثم ربطوا أنفسهم بدلا عنها وراحوا يجرّونها قاصدين دمشق.

   لم يتدخّل ( غورو) فيما يجري أمامه ،بل ظلّ ينظر إليهم دون أن يعلّق على كلام المترجم الذي أوضح له قائلا : إنّ هذه عادة قديمة تدلّ على تقدير مكانة الضيف الكبيرة .

   ووصل موكب الجنرال إلى ساحة ( المرجة ) ونزل ( غورو)  وصعد إلى مكتبه في بناية (العابد )،وبعد ساعة أو نحوها قادته قدماه وحب الاستطلاع للنظر من النافذة إلى الساحة،

 وعجب حين رأى الشبّان الستّة لازالوا هناك منتظرين ، فنادى المترجم وسأله عن سبب بقاء

هؤلاء بعد انصراف الناس المرحّبين جميعاً ؟ فقال المترجم :

هم ينتظرون مكافأتهم يا سيّدي ، فهذه هي العادة .

وسأل الجنرال :

ما تطعمون البغال عندكم ؟

وردّ المترجم :

نطعمها الشعير يا سيّدي .

وبهدوء شديد قال الجنرال آمراً :

ليعط كل منهم كيساً من الشعير  .

الرجل المناسب

   تقول الحكاية :

   حين دخل الفرنسيون سورية بعد معركة ميسلون سنة 1920م ، لم يلبثوا أن جوبهوا بمقاومة شديدة، كلّفتهم الكثير من الأموال والرجال،وليقلّلوا من خسائرهم وبخاصّة من الرجال ، فقد شكّلوا ، من المتطوّعين المحلّيين   لقاء رواتب مغرية فرقاً أو قواتٍ  أ سموها    أو سمّيت بـ ( الملّيس ) ،وكان معظم المنتسبين إليها من المرتزقة، أو من الذين كانوا بأمسّ الحاجة للعمل .

   وقد أقام الفرنسيون مركزاً من مراكز قياداتهم في بلدة (إعزاز) الواقعة شمال حلب ،  وكان في هذا المركز / مستشار فرنسيّ / على رأس قوّة من هذه الميليشيات، وكانت له مطلق الصلاحيات،كان حاكما بأمره، يعزل ويقبل المتطوّعين أو المنتسبين لهذه القوّة من   / الملّيس /

وكان يخاطب الناس بواسطة مترجم من الأهالي يعرف اللغة الفرنسية ، وروى المترجم ذاك فقال :

   يوماً وكنت في مكتب المستشار ، دخل شاب أنيق المظهر، وسيم الوجه، وخاطب المستشار بلغة فرنسية سليمة ، وطلب قبوله متطوّعاً في قوّة / الملّيس / ، فسأله المستشار مستغرباً :

أتعرف لغات غير الفرنسية ؟

ردّ الشاب :

نعم ، فأنا أتكلّم الإنكليزية والألمانية بالإضافة إلى التركية والعربية .

هزّ المستشار رأسه عدّة مرّات كمن فهم أمراً هاماً ، ثم قال له : لسنا بحاجة الآن للمتطوّعين ، وقد أقفلنا باب القبول الآن .

   قال المترجم مضيفاً : كنت واجماً أنظر وأسمع ولا أفهم ،فقد كان المستشار يقبل كل متطوّع يأتيه ، وكان بحاجة للمزيد ، ولم أدر ولم أفهم لماذا لم يقبل ذلك الشاب، مع أنه كان يمتلك إمكانيات غير متوفّرة في غيره .

   وبعد قليل من انصراف ذاك الشاب، اقتحم الباب رجل فظّ خشن الملبس والمظهر،يلبس عباءةً خشنةً وسخةً، فوق ثياب ما عرفت الغسيل ربما منذ سنة، ويمسك بيده عصا غليظة من عصيّ الرعاة،دخل وكان قد دفع بقوّة الحاجب الذي منعه من الدخول قبل الاستئذان ،وخاطبني بلهجة آمرة :

قل للمستشار إني أريد أن أتطوّع في/ الملّيس  /.

   نظرت إلى المستشار فوجدته يروز الرجل بعينيه، ويركّز نظراته على عضلاته البارزة من تحت ثيابه المرقّعة ، وإلى العصا الغليظة التي في يده ، وبعد أن تفحّصه مليّاً ، التفت إليّ وقال سائلا :

 هل جاء هذا ليتطوّع في / الملّيس / ؟

قلت : نعم .

قال :

اسأله ، هل عنده حصان ؟

   وكان من شروط قبول المتطوّع أن يكون عنده حصان ليركبه ، فالقوّة المذكورة كانت من الخيّالة ، ولما سألت الرجل ، ردّ بفظاظة :

ومن أين لي الحصان ؟ ما أنا إلا رجل راع بالأجرة .

   ويبدو أن المستشار قد فهم الرجل من طريقة كلامه وفظاظته ، إذ مدّ لي يده وأعطاني ليرتين ذهبيتين وهو يقول :

قل له ، ليذهب ويشتري حصاناً، ويعود إلينا فقد قبلناه .

   وخرج الرجل فرحاً، وظللت أنا جامداً مستغرباً، متسائلا  بيني وبين نفسي، ما هذا التصرّف الذي تصرّفه المستشار ؟ كيف يرفض شاباً متعلّماً يتقن لغاتٍ كثيرة؟ ويقبل راعياً جلفاً جاهلا لا يكاد يعرف لغته الأم ؟

ولكن المستشار لم يتركني في حيرتي التي عرف أني قد وقعت فيها ، فقال لي :

   لا تستغرب ما رأيت ،ولأوضّح لك، فقد رفضت الأول لأنه يفهم ويعرف الكثير ،ولأنه يفهم ويعرف، فسيناقش الأوامر التي ستصدر إليه، وسيقول هذا صح وهذا خطأ، وهذا يجوز وهذا      لايجوز ، أما الثاني فسينفّذ أوامري بحذافيرها، ولو أمرته أن يقتحم حائطاً لاقتحمه، دون أن يسأل لماذا ، وهذا من يلزمني ، وهذا هو الرجل المناسب ، فهل فهمت ؟

الكاتب : عبدو محمد رشو 24/12/2005


هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟

إسمك :
المدينة :
عنوان التعليق :
التعليق :


 
 |    مشاهدة  ( 1 )   | 
http://www.tirejafrin.com/index.php?page=category&category_id=204&lang=ar&lang=ar