(1)
الليلةَ أرقدُ حيثُ قلبي بضآلةِ الشمــــسِ، ضامرٌ مثلَ المعتقداتْ
أصابعي خيوطُ حريرٍ تغزلُ شؤون الكارثـة، عيناي واسعتانِ حتى الانفجار، ضالتانِ مثل شعوبٍ بدائيةٍ، الليلةَ يستيقظُ الكهنةُ، كانبثاقاتٍ وحشيةٍ، كمفاهيمَ مُجرَّدةٍ، من حلمٍ أخير: سبايا يتبادلْنَ ضراوة الأنوثةِ و ملوكٌ يناصبون عبيدهم ورداً و زنىً.
(2)
بحزنٍ أغلقُ سيرةَ الوقتِ لأنجوَ من الوقتِ، وأُهْدِرُ مقاماً يَحْضُرُني في هيئتِهِ، ظلالٌ مثقلةٌ بالياسمينِ و رائحةٌ للموتى زكيةٌ في عفونتِها الباذخة، جديرةٌ بسلالةٍ لا تخلُدُ للصمتِ في غربتها، لا تُشرد الوقتَ في حقول الصمت البعيدة.
(3)
الآن يختلقُ الموتى أوقات العدمِ مرةً أخرى، و يهتفونَ في طبقاتِ الأرضِ السبعةِ، أنتم رطوبةُ الأزليِّ بين أضلاعِ آدم و جدرانٍ لا مرئية ، أنتم سيرةُ الوقتِ، سيرةُ الرمادْ، أنتم حيضُ الآلهات الغزير وهي تروي خصية القداسة المخبّأة منذ الأزل في أودية الله.
(4)
لم تأخذني الرغبةُ إلى حيثُ ما شئتْ، لم أدخل كهف أفلاطون، لم أخرج منه بعدُ، أرقبُ النصف العاري من ضلالات الثديِّ، و من بعيدٍ، بعيدٍ جداً، أسمعُ صوتَ ذوبان الشّمع في منازلِ الغربةِ، و ككرةِ ثلجٍ يتعاظمُ شأنها، أُدَحْرِجُ ميراثَ الإنسانِِ من سفحِ خطيئتهِ إلى أبوابِ مجدهِ.
(5)
هذا العالمُ الخرافيُّ ـ لا يبدو ـ أرحبَ من مخّيلةِ الفراشاتْ، أو أضيقَ من سرير الغربةْ، أمسِ قد هيّأتُ سريراً مباحاً، للحلمِ، للعشقِ، للموتِ، للهزيمة.
(6)
أمسِ قد هيّأتُ ثمارَ العذريةِ الناضجةِ، سلالاً منذورةً للعابرين سهولَ الشهوةِ، سلالاً مضيئةٌ من جمرٍ يختزنُ في رئتيهِ المقدستين رائحةً مجهولة.
(7)
لائقاً ليكن النزفُ، ذريعاً ليكن صوغُ النّهدِ على أنوال اللغة، و كداعيةٍ يعبثُ بالمصائرِ، مُؤيَّداً بالحلمِ، أرفعُ عن كاهل الجمال وسائدَ اللذّةِ، شعوبُ الأرضِ هي ذاتُها متخاصمة حول الرماد، شعوبُ الأرضِ ذاتُها متخاصمة حول الرماد.
(8)
لكَ يا قلبُ، أنْ تُناوئَ آخرَ الوعولِ عذريةً، وأنْ تُقتَلَ كسكّيرٍ يُعرْبدُ بين فخذي اليابسة، هو الإنسانُ يكذبُ على صورتهِ، بعد غدٍ يُشرِكُ الموتى بعزلتهم، بأزلٍ يسرُدُ عبثَ الجمالِ و عذاباتٍ أخرى، بعد غدٍ يرتبكُ الموتى من رأفةِ الحلمِ، لهم أجمعُ رملاً كثيراً، لهم أستعيدُ نضارة السّيف، رعونة الماء، خصوبةُ الوهمِ.
( محمد نجار) s-najjar@hotmail.com
21/8/2006