مـدينتي
مدينة الزيتـون والبكـاء ،
كلما أجيئهـا مزدحماً بالوعـود
يستقبلني حدائـق الرمـاد ،
فيمطـرني الريـح أنجمـاً
في الظـلام ،
ويزمجـرني عاصفـة ،
في خلل صوتهـا
"أتذكر راجمات الأنبيـاء ،"
والدهشة تبـرعم
جسـدي ،
والعنكبوت يخنقنـي ،
يحنطنـي ،
يجعلني أذوق
شوك القمـم 0
* * *
مـدينتي
تمضي في رحلتهـا
من الجحيـم
إلى الجحيـم ،
يغطيهـا صقيع الحزن
والأنيـن ،
والســؤال :
أهكـذا تمضي الطيـور
وتستقـر في سكرة
الضجـر ؟
* * *
" لو كان موسـى
في مـدينتي ،
لحفر في الصخـر
وصايا ربه العشــر ، "
لو كان زرداشـت
في مـدينتي ،
لتبرأ منـا
آخـذاً معه
سر الخصب
من العـذارى
إلى كهفه ،
وجعل من الناس
سكـارى ،
يهللون في الشوارع
حيـاره 0
* * *
آه يا قرة العين ،
كم مسكينة أنت ،
جرّدوا لوحتك من الألـوان ،
قتلوا الليل في مقلتيك ،
شرّدوا القمر من عينيـك ،
وخلف ستائر الجريمة
ابتدعوا الخوف
وأغانٍ لئيمة ،
مزقـوك ،
مزّقوا عمامتـك ،
تحت اسم القضيـة
والإعلان ،
أجل ،
فرّدوا بك
بحجة الأمومـة ،
ناسيـنَ
موتاهم على أرصفة
الضيـاع ،
وعيون حزينة ،
تعرّت
من إيحاءات المدينـة ،
وهزيمة اللئيم
على صدر دميمـة ،
آهٍ يا معذبتي ،
جريحٌ أنا ،
أسافر من منفـى
إلى منفـى ،
والحقيقـة ترمقني
بالحقيقـة ،
وعينٌ تشـرق
من غيهب الغسـق
والضياء تقتلـه
في صمت الهزيمـة ،
ولكنكِ يا مدينتي
يا عروسة الشمـال ،
تبقينَ رغم اغتراب النفـس ،
00 في عينيـكِ ،
دروب القصيدة ملاذي 0
* * *
ماذا أقـول ؟
يا مـدينة الزيتـون والبكـاء ،
ماذا أقـول 00 ؟
إذا كان كل جرمٍ
من أجرامـي
يخفي في مقلتيـه ،
نزيف ألف عـام
من جراح المكيـدة
* * *
يا زهرة اللوتـس ،
ويا نفحة زهر الندي ،
انبلجـي ،
أما تشجيك أقداري ،
وهل سألت يوماً
عن داري !؟
عفريـن الحبيبـة
كيف أحيـا !
وأحلامـي
في مهب الريح
مغولـةٌ ،
أنتظر أغنيـة
قدسية الإنشـاد
والشاطئ الباكي
جفت على جوانبهـا
غلائـل الريحان 0
* * *
" أخـتاه
لا تبكي على ديارنـا ،
فالصبية في انتظارنا ،
من يزورنـا ،
من يزور أرضنـا ،
يصير أبكماً "
أتُرى تغدو الزيتـون
معجـزة !!
غداً سنعود
والأجيال تكبر
والأغلال تزهر
على الشفاه ،
وتترك في الجبين
أغنية العصافيـر
جوان سرفراز / جنديرس- 4/6/2006