قطار
يوم الاثنين مسرحية من فصل واحد سيناريو وحوار .. محي الدين أرسلان عن قصة " قطار يوم الاثنين " للروائي والقاص السوري ( نيروز مالك ) نيــــــــــروز مـــــــــــــــالك ولد في عفرين , قضاء حلب عام 1946 . تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي في حلب , خريج مركز الفنون التشكيلية في حلب 1963 عضو جمعية القصة والرواية . عضو اتحاد الكتاب العرب . شارك في معظم المعارض الرسمية . من مؤلفاته : ( 1 - الصدفة والبحر " قصتان " دمشق 1977 2- حرب صغيرة " قصص " دمشق 1979 3- كوب من الشاي البارد " قصص " 1981 4- كتاب الوطن " قصص" دمشق 1982 5- أحوال الوطن " قصص " دمشق 1983 6- باب خشبي قديم " قصص " اللاذقية 1991 7- المغامرة السابعة " قصص " دمشق 1994 8- ما رواه الجليل " قصص " دمشق 1996 9- تلك الحكايات " قصص " دمشق 1998 10- زهور كافكا " رواية " حلب 1998 ) . قطار يوم الاثنين اللوحة الأولى " موسيقا جنائزية , الإضاءة تكشف عن ملامح المكان . في عمق الخشبة محطة قطار , إلى الأمام قليلاً وعلى جانبي الخشبة , شرفتا منزلٍ يبدو عليهما الرخاء , تمتد خلفهما بيوت ريفية وصولاً إلى المحطة . أوراق الخريف متناثرة في المكان . من طرف الخشبة تدخل جموع تشيع جثمانٍ . دخان يتعالى في فضاء الخشبة مصحوباً بصوت قطار يأتي من بعيد . الصمت يسيطر على الجموع المشيعة الذين نسوا الجثمان وهم ينظرون إلى الدخان المتصاعد الذي يبدأ بالاقتراب شيئاً فشيئاً مع ارتفاع صوت القطار رويداً رويداً , صوت صفارة القطار معلناً وصوله . وفود المسافرين تغادر القطار فيما المشيعون يتبادلون أطراف الحديث ." ناظر المحطة : أسرعوا قليلاً يا أخوة , القطار سيغادر فوراً . رجل1 : ( متحسراً ) إنه الاثنين . إمرأة 1 : من في القرية لا يتذكر الحادثة . رجل 2 : قصة قديمة , مضى عليها خمسون , ستون عاماً . إمرأة 2 : بل أكثر قليلاً . رجل3 : ستون ,, خمس وستون . إمرأة 1 : بل أكثر رجل 2 : لا اختلاف يا سادة , خمسون ,, ستون ,, سبعون إمرأة 2 : بل خمس وستون رجل 3 : بل ستون . إمرأة 1 : بل أكثر .... ( يتعالى صوت المشيعين وهم يتبادلون وجهات النظر المختلفة حول عمر الحادثة والظلام يخيم تدريجياً ) . **** اللوحة الثانية " جانبٌ من الخشبة , أمام الشرفة رجلٌ يجدل حبلاً يبدو عليه التوتر والغضب اللذان يبرزان شيئاً فشيئاً مع توتر الموسيقا . صهيل فرس في حالة الولادة الذي يزداد أيضاً مع ازدياد توتر الموسيقا . ملابس الرجل توحي بحالة الثراء الذي يعيشه فهو من إقطاعي القرية " البيك : ( بغضب ) ابن الكلب يتعدى على أسياده , سأعلقك كالحيوان في المسلخ يا يحيى يا ابن العاهرة , .... " صهيلُ الفرس يزداد مع توتر الموسيقا ليصل ذروته و يتلاشى . يدخل السائس متوتراً " السائس : ( بخوف وتوتر ) هررررب يا بيك . البيك : ( غاضباً ) من ؟ السائس : ي.. ي.. يحيى يا بيك . البيك : ( يرمي الحبل من يديه ) كيف هرب أيها الأحمق ؟ ألم تكن تحرسه ؟ السائس : نعم يا بيك .. بس .. البيك : ( مقاطعاً ) بس شو يا غبي السائس : ( متوتراً ) ألتهيتُ بالمهر الوليد دقائقاً , حين ألتفت لم أجده . البيك : ( متبعاً أسلوب السياسي ) أصدقني القول, ألم تتفق معه على الهرب,أقصد ألم تهربه ؟ السائس : ( الذعر يفتك بقلبه ) معاذ الله يا سيدي . البيك : ( يهز برأسه ) طيب .. طيب . أهتم بالمهر إلى حين عودتي ولا تغادر الإسطبل . السائس : حاضر يا بيك . ( يخرج البيك غاضباً , أصوات حوافر الخيول تتعالى فيما يخيم الظلام ) **** اللوحة الثالثة " عمق المسرح حيث المحطة , الإنتظار يخيم على جميع المسافرين , ناظر المحطة يتجول في المكان , أصوات حوافر خيلٍ بعيدة , من طرف الخشبة يدخل يحيى مذعوراً يتجه نحو الناظر " يحيى : ( يتنفس بصعوبة ) هل سيأتي القطار ؟ الناظر : ( مؤكداً ) طبعاً , إنه الاثنين . يحيى : شكراً . ( صوت صفارة القطار مندمجاً مع صوت المكابح ) الناظر : ليستعد الجميع , القطار وصل , وسيغادر خلال دقائق , ليستعد الجميع , القطار سيغادر خلال دقائق .... ( المسافرون يصعدون إلى القطار , القطار يستعد للتحرك , القطار يغادر ليتلاشى صوته ويتعالى صوت حوافر الخيل , من طرف الخشبة يدخل البيك مع رجاله ) . البيك : ( مخاطباً الناظر ) ها .. أيها الناظر . الناظر : نعم يا بيك . البيك : هل غادر القطار . الناظر : منذ لحظات . البيك : هل كان بين من سافروا شاباً في الثامنة عشر من عمره , طويل القامة , عريض المنكبين . ذو أنفٍ صقري , ويدين كبيرتين و شعر أشقر . الناظر : آه .. نعم . البيك : كيف كان " هادئاً أم مضطرباً " ؟ الناظر : هادئاً ..( مستدركاً ) لكني لمست قلقاً في عينيه الواسعتين , وكان بين الفينة والأخرى ينظر باتجاه القرية كأنه ينتظر أن يصله أحد ما منها . وما أن أتى القطار حتى ركبه وسافر . البيك : ألم تعرف وجهة سفره . الناظر : قال : إلى حلب " قشلة الترك " لأتطوع فيه . استغربت كلامه , لأن الشباب يهربون من الجيش التركي الذي بدأ يهزم في الحرب , فكيف يريد هذا الأحمق أن يذهب إلى الموت برجليه . البيك : هرباً من الشنق الذي ينتظره ,, أبن الكلب .. ........... ( يغادر البيك مع رجاله , الناظر يقف مستغرباً , أصوات حوافر الخيل وهي تبتعد ) ظلام **** اللوحة الرابعة " الأم والأخت الكبرى جالستان في الشرفة والدمع يملئ عيونهن , أسفل الشرفة تقف "حنة" صامته " الأم : ( بحزن ) أنا السبب , يجب أن يُلف حبلُ المشنقة حول عنقِ . الأخت الكبرى : حنة .. يا رفيقة عمري .. يا بنتي المدللة .. يا من تغادرنا على عجل الأم : ( تخاطب الكبرى ) أنتِ السبب يجب أن تشنق قبلها . الأخت الكبرى : بل كلانا يتحمل المسؤولية . ألم نكن على علم بحب حنة ليحيى . حنة : ( بكبرياء )كفاكما نحيباً , أنا الوحيدة من تتحمل المسؤولية , أنا التي ستشنق , فأنا من أحببت , وأنا من ستعاقب على هذا الجرم الشنيع , ولست نادمة على إقترافه . ( صوت كرسي ينقلب , موسيقا مرعبة , خيال جثة متدلية من مشنقة , الجميع يغضون الطرف بعد أن لمحوا الجثة للحظات ) حنة : ( بثقة ) ما أجمل أن يموت المرء في سبيل القضية التي يؤمن بها , فمرحباً بك أيها الموت الغالي ( صوت البيك يتعالى الذي يظهر من طرف الخشبة غاضباً , متوتراً , ضعيفاً , كئيباً ) البيك : ( بشدة ) هذا ما تستحقه يا بغل , أيها السائس الأحمق , لم تحرسه جيداً فهرب .. حنة.. حنة.. حنة, أين أنت يا بنة .(مبتسماً) والآن يا حنة , ماذا تعتقدين أنا فاعل بكِ ؟ حنة : ( صامته تنظر في عمق عيني والدها ) .. البيك : لماذا أنتِ صامته ؟ حنة : ( بثقة) قبل أن أجيبك بكلمة , أريد أن أسألك , أتسمح لي بذلك ؟ البيك : ( مبتسماً ) تفضلي يا بنة الكلب . حنة : لا تشتم نفسك يا أبي . ماذا فعل يحيى حتى تثور عليه هذه الثورة ؟ البيك : ( ينفجر بضحكة جنونية ) لم يفعل شيئاً يا بنة الكلب سوى أن مرغ شيبتي بالوحل . حنة : لم يفعل ذلك , أنت الذي تتخيل الأمر على هذه الصورة !. البيك : ( صارخاً بها ) اخرسي ... ( يلطمها بقوة على فهما ترتد إلى الخلف والدم يسيل من فمها , يحاول أن يهجم عليها تقف الأم والأخت الكبرى حاجزاً بينهما ) الأم : اضربني أنا إن كان الضرب يشبع غلك . الأخت الكبرى : ( متوسلة ) اشنقني يا بيك ودع حنة تحيا , فما تزال صغيرة حنة : ( بإصرار ) نعم لم يفعل شيئاً , إنما أنت من تتخيل ذلك .. البيك : ( صارخاً بها ) قلت ُ لكِ اخرسي , ( مبتسماً ) لم تجيبي على سؤالي , ماذا تظنين أنا فاعل بكِ ؟ حنة : لقد أجبتك , لا أعرف .... افعل ما يحلو لك .! البيك : أذن .... ( بحدة ) غداً منذ الصباح سيحملك رجالي إلى بيتِ محمود , ابن الحج مراد , أنتِ تتذكرين أنه طلبكِ مني فرفضت يومها .. صحيح هو ابن لغني مثلي من أغنياء القرية ولكنه كان برأيي , في ذلك اليوم , لا يليق بكِ .. أما اليوم فسأزوجكِ منه , وهو خير عقوبة لك ِ أما عندما أضع يدي على يحيى , هذا الكلب الأجرب الذي لولاي , لمات منذ سنوات كجرو , عندما أضع يدي عليه سأسلخ جلده .. حنة : ( متحدية ) يحيى ليس كلباً , إنما الكلب هو محمودك الذي تريد أن تزوجني إياه .. البيك : أقلتِ محمودي يا بنة .. إنه محمودكِ وليس محمودي .. حنة : ( مستمرة في تحديها ) أنه محمودك , صهركَ الذي تريده , أنه جروك وكلبك وأعرجك . ( تغرق حنة بالبكاء في حضن الأم والأخت الكبرى , البيك يغادر المكان ) ظلام **** اللوحة الخامسة " موسيقا جنائزية , الشمس ما تزال خجولة في إرسال أشعتها ," حنة" مقيدة ورجال البيك من حولها يسيرون بها إلى بيت الأعرج الذي يقف في شرفة منزله المقابلة لشرفة منزل البيك , منتظراً قدوم عروسه , الموكب ينزل رحله , والأعرج يستلم عروسه , التي تدخل مكرهة بيت الأعرج , الذي يتبعها فاتلاً شاربيه " ظلام **** اللوحة السادسة " طيور الفجر تبعث سيمفونيتها العذبة المعتادة في الصباح الريفي , تطلُ حنة من الشرفة في أبهى زينة لها , أطفالٌ يتراكضون في ساحة القرية , نسوة يتبادلن أطراف الحديث " إمرأة 1 : عجيب أمر حنة , ما تزال قوية بعد كل ما تعرضت له .!!! إمرأة 2 : إنها لم تتزين هكذا في يوم زفها إلى الأعرج .!!! إمرأة 3: ( ساخرة ) أنتِ من قلت " الأعرج " أما اليوم فهي تتزين لغيره . إمرأة 1 : تقصدين يحيى . إمرأة 2 : نعم . فهو الوحيد من استطاع امتلاك قلبها . إمرأة 3 : كيف تجرأت على الخروج ولم يمضي على زفافها يومين !!! إمرأة 1 : كانت ستخرج حتى في صباحية الزفاف , إنه الاثنين , موعد قطار حبيبها . ( الأعرج على الشرفة يفرك عينيه ) الأعرج : ( غاضباً ) حنة .. حنة .. أين ذهبت أيتها ... ( صوت القطار مغادراً ) أيها القطار اللعين متى سننتهي من مصائبكِ . ( تدخل حنة من عمق الخشبة حيث المحطة كئيبة الوجه ) الأعرج : لماذا خرجتِ ؟! حنة : ( ترمقه بنظرة احتقار ) لأرى إن كان سينزل من القطار أم لا ؟ الأعرج : ( متجاهلاً ) من سينزل من القطار ؟ حنة : ( تضحك ) هل أنتَ غبي أم تتغابى ؟ من سينزل من القطار غير يحيى ؟ الأعرج : يحيى ؟! ( مبتسماً ) حتى ولو نزل سيجدكِ زوجتي . حنة : هل أنت مقتنع بأنني زوجتك ؟ أنت تحلم ؟ الأعرج : ( بشيء من القسوة ) بل أنتِ التي تحلمين . حنة : لقد صدقت هذه المرة فقط , أنا أحلم .. الأعرج : ( ضاحكا ً ) احلمي ( بخبث وهو يفتلُ شاربيه ) حتى عندما تكونين ..... حنة : ( تقاطعه بحدة ) نعم حتى في هذه اللحظة الذي تتحدثُ عنها أحلم بيحيى وليس بك أنت . الأعرج : ( يصرخ بها ) أخرسي يا كلبة .. ( يحاول الاشتباك معها ) ظلام **** اللوحة السابعة " الشمس تبكي اللحظات الأخيرة المتبقية من عمرها اليومي , حنة , جالسة في الشرفة تراقب المحطة في شوق وتيم , تجاعيد وجهها أضحت أكثر بروزاً , موسيقا حالمة , الظلام يخيم تدريجياً وصوت رزاز المطر يتصاعد . إضاءة خافتة وسط الخشبة في المحطة , خيال شخص طويل القامة , عريض المنكبين . من طرف الخشبة خيال فتاة تتسلل إلى حيث يقف الشخص ذو القامة الطويلة ." يحيى : ( معاتباً ) أيتها المجنونة , كيف تخرجين هكذا في هذا الجو الماطر؟ ( يخلع معطفه ليلف بها حنة التي تحاوره ) . حنة : ( مبتسمة ) بل مجنونة إن لم أخرج , إن لم أشبع روحي ... يحيى : و البيك ؟! حنة : ليفعل ما يحلو له , لم أعد أخافه . يحيى : يا لك من قوية يا حنة . حنة : بكَ أصبح أقوى . يحيى : بكِ أخوض الحروب ضد كل البشر . حنة : أقطع الجبال والبحار للوصول إليك يا أغلى البشر . يحيى : ( خائفاً ) و البيك ؟!! حنة : ليذهب إلى الجحيم ... البيك ورجاله . يحيى : عودي إلى الدار يا قرة العين , لربما يشعر البيك بغيابك . حنة : أمي قالت له بأني نائمة . ( تعيد المعطف ليحيى ) ولكن سأذهب .. وداعاً يحيى : ليحفظكِ الله يا ملاك الروح . حنة : ( تتسلل عائدة ) مشتاقة إليك في لقاءك وغيابك .. وداعاً يا فارس جوادي الأبيض . يحيى : ( مغادراً ) وداعاً يا قنديل القلب , يا لحن حياتي . يا عصفورة العيني . " الموسيقا تتلاشى , صوت الأعرج يتعالى . حنة جالسة في الشرفة شاردة الذهن " الأعرج : حنة .. حنة .. أين أنتِ ؟ ( يلمح حنة ) هل أصابكِ الطرش أيتها العجوز . حنة : ( ترمقه بنظرة احتقار ) أسمعك جيداً يا عجوز النحس . الأعرج : متى سأتخلص من لسانكِ السليط . حنة : متى أتخلص من رائحتكَ الكريهة , و وجهك ..... الأعرج : و وجهي القبيح ( بلا مبالاة ) هذا لا يهم , قبيح , كريه . المهم ما أحمله إليك من أخبار تنعش الروح . حنة : ( ساخرة ) متى كنت تحمل الخبر المنعش يا غراب البين . الأعرج : يبدو أنكِ لا تعرفين ما يتناقل من أخبار في القرية ؟! حنة : لا تهمني أخبار القرية . الأعرج : ( بلا مبالاة ) يقولون : إن أحدهم عاد من الحرب ! حنة : ( بلهفة ) هل يحمل أخباراً عنه . الأعرج : ( متجاهلاً ) عما ؟! حنة : لا تتغابى , ومن غير يحيى . الأعرج : ( مبتسماً ) بل يحمل كل الأحبار عن حبيبكِ الفار . حنة : ( بلهفة ) هل عاد ؟ هل سيعود ؟ الأعرج : لن يعود أبداً , لقد مات حبيب القلب . حنة : ( بحدة ) كاذب , يحيى لم يمت . الأعرج : ( مبتسماً ) قال العائد من الحرب , بأنه رأى حبيبكِ الفار وهو يفارق الحياة بعد أن أصيب برصاصة في قلبه . حنة : ( تضحك مبتسمة ) هذا غير صحيح , يحيى لن يموت , يحيى سيعود , هو الذي وعدني بذلك , لقد قال لي : ........... ( الظلام يخيم , ليضاء القسم الأخر من الخشبة حيث منزل والد حنة , يحيى مقيد بالحبال , صوت صهيل الفرس يتعالى إنها في المخاض ستضع مهرها . تدخل حنة مسرعة , تفك قيد يحيى ) . حنة : الكلاب , قيدوكَ يا نور العين . يحيى : يظنون بأنهم يوقفون نبض قلبي , ولكنهم يزيدونه إصراراً . فلن يقف القلب عن حبكِ ما دامت الدماء تتدفق فيه ِ . حنة : هل ضربكَ كلاب البيك يا حبيب القلب . يحيى : الضرب لن يوقف حبي لك أيتها الغالية , أما الآن فيجب أن أهرب . لأن والدكِ جنَّ بعد أن وصله خبر حبنا , سأذهب وأتطوع في الجيش , ثم آتي لنرحل من القرية معاً , إلى حيث لا يستطيع البيك و كلابه الوصول إليه ونحيا عشقنا الأبدي في خير وسلام . ظلام **** اللوحة الثامنة " صوت القطار مبتعداً ودخانه المتصاعد يسرق أنظار المشيعين مبتعداً ليتلاشى في الأفق البعيد . شيخ القرية يلقن المرحومة الوعظ الأخيرة " الشيخ : يا حنة .. يا بنة آمة الله وعبده .. سينزل عليك ملكان أزرقان ...... " الظلام ينتشر في فضاء الخشبة , صوت الشيخ يتلاشى , صوت قطارٍ يتعالى مع اقترابهِ تضاءُ شرفة منزل زوج حنة " محمود الأعرج " , نسوة يتبادلن الحديث " . امرأة 1 : إنه القطار , قادم من بعيد , ها هو دخانه يتصاعد من خلف التلال البعيدة . امرأة 2 : هل يحمل أخباراً لحنة عن حبيبها .؟ امرأة 3 : ولكن لم نرى حنة كعادتها تنتظر في الشرفة !!. امرأة 1 : يبدو أنك قد أصبت في عقلكِ أيتها العجوز فحنة غادرتنا إلى جوار ربها . امرأة 2 : ( متحسرة ) العمر يمضي بنا , دون أن نعلم ما تحمله الأيام لنا . امرأة 3 : ( متحسرة ) آه ... ماتت وهي تنتظر عودة حبيبها ... ظلام **** تيريج عفرين / محي الدين ارسلان 8 / 11 / 2008 |
============
لوحة الافتتاحية
(باب كبير في عمق المسرح مقعد خشبي . يفتح الباب . يدخل شخص يحمل في يده كميرة
فوتوغراف . يتصفح الأغراض المتواجدة على المسرح )
(يخيم الظلام تدريجيا على المسرح)
/ أصوات الزغاريد تتعالى .. إضاءة ... عروسان وشيخ .. عقد قران .. /
فلاش كميرة يسبب ثبات جميع من على المسرح .........(ظلام)
/ أصوات الأجراس تتعالى .. إضاءة .. عروسان وقسيس .... عقد قران .../
فلاش كميرة يسبب ثبات جميع من على المسرح .........(ظلام)
/ ازدحام أمام الباب ...... فلاش كميرة يسبب ثبات الجميع على المسرح/
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة الأول
(فتاة صغيرة نائمة في زاوية المسرح . فلاش كميرة . تُفزعُ الصغيرة . تركض ... صوت )
المصور : ها... أنتِ . قفِّي مكانك ِ .
/ تركض الفتاة في الاتجاه المعاكس , يمسكها المصور من يدها /
الصغيرة : (تتألم ) أخ .. إنك تؤلمني أيها السيد .
المصور : ألم أقل لكِ قفي ولا تتحركي . لماذا تهربين إذا ٌ؟
الصغيرة: أخ .. إنك تؤلمني أيها السيد , لقد أفزعتني ولهذا هربت .
المصور : بل قولي بأنكِ هربتِ خوفاٌ من أن أعلم ماذا كنت تفعلين هنا .
الصغيرة : أخ..... وماذ1 تستطيع إن تفعل فتاةٌ صغيرةٌ مثلي .
المصور: تسرق ........ مثلا .
الصغيرة : (تسحب يدها بقوة من قبضة المصور ) لست بسارقةٍ أيها السيد .
المصور : إذاً كيف ولماذا دخلت إلى هذا المكان ؟
الصغيرة : لقد كان الباب مفتوحاٌ فدخلت . أما لماذا دخلت كي أنام قليلاً .
المصور : آو ليس لديكِ بيت تنامين فيه .
الصغيرة : كان لي بيتاً حتى البارحة.
المصور : وماذا حدث ؟
الصغيرة : لا أعلم ,قدمتُ من المدرسة فوجدت أناسا ٌ كثيرين أمام المنزل يتهامسون .
فرحت كثيراٌ فقد ظننت أن والديّا قد عادا من السفر . ثم قال لي أحدهم بأن جدتي
قد ماتت , وأنصرف الجميع , وبقيت طويلاً أمام الباب دون أن تفتح جدتي لي الباب
ولكن قل لي يا عم ماذا قصد ذلك الرجل بقوله أن جدتي قد ماتت ؟
المصور : (مرتبكاً) ها .. ! ؟ ماذا .. ! ؟ . نعم . لقد كان يعني أن جدتك .... جدتك قد سافرت
الصغيرة : (تبكي ) ولهذا لم تفتح الباب فقد تركتني هي الأخرى كما فعلا أبي وأمي.
المصور : هل ماتا أيضاً ؟.. أقصد هل سافرا ؟
الصغيرة : نعم . فقد قالت لي جدتي بأنهما قد انفصلا بعد أن ركلا بي إلى هذه الحياة
ثم سافرا ، أمي باتجاه الشرق , و أبي باتجاه الغرب .
المصور : ألم تخبركِ جدتكِ إن كانا سيعودان أم لا؟
الصغيرة : نعم . قالت جدتي : أنهما سيعودان عندما أصبح طالبة في الصف العاشر .
لذلك أحب أن أكبر بسرعة (تبكي)
المصور : لماذا تبكين ؟
الصغيرة : لأنني وإن كبرت فلن أستطيع أن أدرس بعد اليوم فقد تركتني جدتي وسافرت
المصور : (يحضن الصغيرة) لا . لا تبكي أيتها الصغيرة الجميلة . فسوف تدرسين وتنجحين
/ فلاش كميرة /
( يخيم الظلام تدريجياً )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة الثانية
/ إضاءة ... وشاب وأمه /
الأم : يا ولدي العزيز ألا تفرح قلب أمك العجوز فتختار عروسك قبل مماتي لأنعم برؤية
صغارك؟ فهاأنت....
الشاب : (مقاطعا ) نعم يا أماه . أفهم كل ما ستقولين , ناهزت الأربعين من العمر
ولم أتزوج بعد , وإن من في مثل عمري تزوج وزوج أولاده الشباب
والبنات ولكنه النصيب , فلم التقي بعد بالزوجة المناسبة .
الأم : ومما تشتكي ابنة عمك وصال .؟
الشاب : لا شيء ... سوى أميتها .
الأم : إذا فابنة خالك وداد , فهي تحمل الشهادات من أعلى المراتب .
الشاب : وما نفع كل الشهادات التي تحملها إن كانت عاطلة عن العمل .
الأم : إذا فابنة جارتنا وفاء .
الشاب : ( مشيراً برأسه عدم الموافقة ).
الأم : إذا فابنة جارتنا هناء
الشاب : (مشيراً برأسه عدم الموافقة )
يا أمي العزيزة عليك أن تدركي جيداً بأنني لن أتزوج (إلا أنِسه)
فلاش كميرة يسبب ثبات جميع من على المسرح .........(ظلام)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة الثالثة
(الأم تعلم أبنتها ،الابن في الطرف الآخر من المسرح مستلقٍ . يكتب وظائفه . يدخل الزوج) .
الابنة : (تركض باتجاه الأب بفرح ) ها.... لقد حضر بابا
الزوج : ( بقسوة ) أبتعدي عني أيتها الصغيرة .
الزوجة : - الحمد الله على السلامة - حضرت باكراً اليوم على غير عادتك !!!
الزوج : ماذا تقصدين ؟
الزوجة : لا شيء لا شيء .
الزوج : اسمعي يا أمرآة (أنا حر بفوت وبطلع أمت ما بدي . بشرب بسكر بنام برات البيت
ما حده آلو علاقة معي ) .
الزوجة : يا زوجي العزيز . إن أطفالنا متلهفون للقائك والجلوس معك .
ليس في البيت ما يؤكل ، كسرة الخبز باتت من المفقودات في هذا المنزل .
ديوننا كثيرة فلا يمر النهار من دونهم – السمان ، الخباز ، الخضري –
وأنت تخرج في النهار منذ طلوع الفجر ولا تأتي حتى بعد منتصف الليل .
الزوج : ( بغضب ) (آه .. روحي عنّ ياه)
الزوجة : أ لست زوجتك ولي حقوق .
الزوج : حقوق !! حقوق شو . إن حقك أن تكنسي ، تجلي ، تنظفي . فقط . هذا هو حقك
الزوجة : (خدامة يعني )
الزوج : ( يصفع زوجته ) (أخرسي وليه ).
الزوجة : (بغضب ) لم أعد أطيق العيش معك ، الحياة معك أصبحت جحيماً
(طلقني وريحني) . (الابنة تخفي نفسها خلف أخيها )
الزوج : ( مشيراً إلى الابن ) ( تعى لهون وليك ) سأجعل قلبك يحترق على ولدك
فأنتِ طالق .. طالق ... طالق
(فلاش كميرة)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة الرابعة
( إضاءة . فتاة جالسة على المقعد الخشبي تحمل بيدها وردة حمراء . تدخل الفتاة الصغيرة )
الصغيرة : عمو المصور لقد وصلت . أين أنتَ؟ لقد نجحت إلى الصف الرابع .
عمو .. يا عمو المصور أين أنتَ؟ يبدو أنه قد خرج .
( تجلس في الزاوية اليمنى من المسرح ) سأنتظرك هنا .
/ الفتاة في الطرف الآخر تنظر إلى ساعتها . تقف . تتحرك يميناً ويساراً /
الصغيرة : ( تخرج من حقيبتها المدرسية صورة ، تقبل الصورة ) كم أنا مشتاق إليكِ يا أمي .
اليوم نجحت إلى الصف الرابع ، وهذا يعني سألقاكِ بعد ..بعد
(تعد على أصابعها )
/ خامس – سادس- سابع- ........ عاشر / ست سنوات ( تتأوه )
يا لها من مدة طويلة . ولكنني سأنتظركِ .
الفتاة : (تنظر إلى ساعتها ) لماذا عليَّ الانتظار دائماً ... منذ أربعة سنوات وأنا أنتظر
وأنتظر ... مضى على موعدنا ساعة ونصف . هل ؟؟ لا.. لا .. لماذا هذه الأفكار الشيطانية
لا بد أن لديه عمل هام وسيأتي فور انتهاءه من العمل
الصغيرة : أوه .... يا أمي الحبيبة كم أنا مشتاق إليكِ فعلي َّ الانتظار ست سنوات بعد
كم أتمنى أن أكبر .. وأكبر .. وأكبر .. وأكبر.......................
الفتاة : ( تجلس على المقعد ) لقد تعبت من الانتظار ...... إذا لم يحضر فوراً ..
الشاب : (مقاطعاً ) / شوبيك لوبيك حبيبك بين أيدك / ( يقدم لها وردة حمراء)
أجمل الورود لأجمل النساء .
الفتاة : ( تدير ظهرها ) لماذا تأخرت هكذ1 ؟
الشاب : عمل هام .
الفتاة : في كل مرة تتأخر وتقول : عمل هام . إلى متى سأبقى في انتظاركَ ؟
متى ستنتهي من هذه الأعمال الهامة . الشاب : قريباً إن شاء الله. ولكن لمن هذه الوردة الجميلة . لا بدَ أنها لي . هيا .. هيا
أعطني هذه الوردة ، كي أشبع روحي من أريجها .
الفتاة : ( بخجل ) تفضل .
الشاب : ( يشم الوردة ) يا الله إنَّ لأريجها نكهة طيبة تشبه أنفاسكِ .
الفتاة : لقد مضى على خطوبتنا أربعة أعوام . في الحقيقة بدأ أهلي يتساءلون كثيراً
متى سنتزوج ؟ إلى متى سننتظر ؟ أمي تقول بأنني أصبحت حديث نساء الحي .
الشاب : يا ملكتي الجميلة . إنك ملكة والملكة بحاجة إلى قصر وحاشية وخدم .
الفتاة : فلنتزوج أولاً ومن ثم نبني القصر والحاشية والخدم معاً.
الشاب : لا.. لا . فلن تكوني ملكة هكذا . هل تريدينني أن أقضي حياتي معكِ ألهثُ وراء جمع
الأموال أريد أن أحيا أبد الدهر قربكِ لا يشغلني عنك شاغل .
( يدخل أحدهم يرتدي ثياباً بالية يبدو عليه علامات الجنون )
المجنون : ( للعاشقين) وما المانع من الانتظار . ولتتكلم نساء الحي حتى يجفَّ حلقهنَّ
فيصمتن أرجوكما لا تتسرعا في اتخاذ القرار كم فعلنا
الفتاة : وماذا فعلتم ؟
( أصوات رجالٍ وصراخ نساءٍ و صوت طلقات نارية يمسك المجنون برأسه )
المجنون : ( يصرخ ) لا....... لا . أرجوكم لا تفعلوها ( يخرج )
( فلاش كميرة )
ظلام......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة الخامسة
( يدخل من الباب رجل وامرأة ، في يد كل منهما وردة حمراء ، يقفان وسط المسرح
يلتفتان ينظر الواحد باتجاه الآخر . كل منهما يمد الوردة باتجاه الآخر - فجأة يلقيان الورد
أرضاً . ينصرف كل واحد منهما إلى زاوية من المسرح )
الزوجة : ( الله يرحم أيام زمان ) عندما كنا مخطوبين . كنت تتلهف للخروج معي إلى الحديقة
أو إلى عرسٍ .
الزوج : أنتِ السبب . كنتُ أخال نفسي سأتزوج من جميلةٍ ومثقفة ، تحاورني ،تشاركني المسؤولية
في اتخاذ القرارات الهامة في حياتنا . تهتم بما أهتم .جميلة ، مثلما قلتِ
– ( الله يرحم أيام زمان ) - منذ أن تزوجنا بدأت تهملين كل شيء يتعلق بالجمال .
أصبحت تبدين كالعجائز . بل إن العجائز تهتمن بجمالهن وزينتهن أكثر منكٍ .مثقفة . نعم المثقفة التي تحرق كتبي .
الزوجة : ولماذا لا أحرقها ؟ إن كانت تشغلكَ عني .
الزوج : وما ذنبي إن كنت أعشق المسرح ؟
الزوجة : لم أقل يوماً لا تعشق المسرح . لم أطلب سوى القليل من الاهتمام ولو نصف ساعة
كل يوم . لقد نسيت بأنني زوجتك تحبسني بين هذه الحيطان وتسافر من بلد إلى بلد .
وتقول لأصحابكَ الذين تزورهم بأنني مشغولة .
الزوج : وما ذنبي إن كنتِ لا تهتمين بأفكاري .
الزوجة : متى دعوتني لحضور عرضٍ من عروضكَ ورفضت .
الزوج : كيفَ ادعوكِ وأنتِ تحرقين نصوصي . قلتِ لي بأنكِ تحتفظين بها في العلية
وإذ بكِ تحرقينها .
الزوجة : نعم أحرقها وسأظل أحرقها ما دامت تشغلكَ عني .
الزوج : إذاًَ تحملي نتيجة أفعالكِ .
( يقتربان الواحد من الآخر تتعالى أصواتهما)
( فلاش كميرة) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة السادسة
( إضاءة ، الزوج مستلقٍ على المقعد الخشبي ، يبدو في حالة انتظار)
الزوج : بقي نصف ساعة على انتهاء الدوام ( يتنفس نفساً عميقاً) يا لها من مدة طويلة .
إنها أطول نصف ساعة في حياتي ، الانتظار صعب يا أخي .
( يقف يتحرك يميناً ويساراً فيما يخيم الظلام تدريجياً ........... إضاءة)
لقد تأخرت اليوم ،أشعر بجوع شديد (يجلس على المقعد الخشبي ) لقد تعبت من الانتظار
هذا هو الحال في هذا المنزل في نهاية كل شهر . انتظار ، وملل ،وجوعٌٌٌٌ ، وتعب .
ولكن يبقى هذا اليوم من أجمل أيام الشهر .
( صوت باب يفتح ، يركض الزوج باتجاه الباب تدخل الزوجة بيدها مجموعة من الأكياس)
حلت علينا البركة ، يا أهلاً و يا مرحباً بأرقِ وأحن زوجة على وجه الأرض .
دعي هذه الأكياس عنك سأحملها إلى المطبخ .
الزوجة : ( الدهشة باد على وجهها ) أحن وأرق وسأحملها ، لا بد وقد أصابك مكروه
فهذه اللهجة جديدة عليك . هل أنتَ مريض ؟.
الزوج : لا سمح الله أيتها الزوجة المثالية . ومن أين للمرض أن يدخل بيتاً ما دمتِ أنتِ فيهِ؟
الزوجة : إني لا أصدق ما تسمعه أذنيَّ . زوجة مثالية ، ولا يدخل المرض البيت ما دمتُ فيهِ
لا بد وأنك قد جننت .
الزوج : ولما لا أجن ، نعم لقد جننتُ من شدةِ حبي لكِ .
الزوجة : الله .. الله . شعر وغزل ، والآن أرجوك كفاك مديحاً بي ودعني أدخل هذه الأغراض
إلى المطبخ ، فلا أستطيع أن أصدق كل ما سمعته منك .
الزوج : سامحكِ الله . ولكن هذا لا يهم ، أعطني هذه الأكياس عنكِ .
( يأخذ الأكياس . يدخل المطبخ )
الزوجة : إن كان ما قاله صحيحاً فالحمد لله على كل حال . ( تجلس على المقعد )
( يدخل الزوج )
الزوج : أيتها الزوجة الطيبة ( يجلس بقربها على المقعد )
الزوج : منذ الصباح وأنا أفكر
الزوجة : وبما كنت تفكر ؟
الزوج : بتاريخ اليوم .
الزوجة : الآن فهمت سبب هذا التغيير المفاجأ في سلوككَ اليوم ، فاليوم هو آخر الشهر
وهو من أجمل الأيام لديك . ( تفتح حقيبتها وتخرج النقود )
تفضل هذا هو راتبي الشهري .
( يخطف النقود من بين يديها كمن يسرق )
الزوج : ( يعد النقود ) والآن كفاك ً دلالاً اليوم ، فقد نلت من الدلال أكثر مما تستحقين
هيا ..هيا جهز الغداء فأنني أشعر بجوع شديد .
الزوجة : حاضر ولكن بعد أن أرتاح قليلاً .
الزوج : الغداء أولاً يا مرة . هل أصابكِ الطرش أيتها العجوز ؟
( تخرج الزوجة ) لا تتأخري في تجهيزها فأنني أشعر ُ بجوعٍ شديد
( يفتح حقيبة الزوجة يخرج ورقة نقدية بقيمة خمسين ليرة )
وتسرقين أيضاً
( فلاش كميرة )
................. ظلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة السابعة
( إضاءة . زوجان جالسان على المقعد الخشبي وكأنهما في سيارة .
تدخل الفتاة الصغيرة في يدها صورة أمها ).
الصغيرة : والآن أصبحت في الصف الخامس أيتها الغالية . أهن يا أمي كم أنا مشتاقة
إليكِ بقي لي أن انتظر خمس سنوات .
أشعر أن حياتي بدونكِ محطة ظلام . هكذا كانت جدتي تقول: ( تقلد جدتها )
يا ابنتي العزيزة إن الحياة محطاتٌ من النور والظلام ..ظلامٌ ونور.. نورٌ وظلام .....
( الزوج يقود السيارة وإلى يمينه الزوجة يبدوان كالشمع بلا مشاعر)
الزوجة : هل مررت بمنزلي أبي؟
الزوج : نعم .
الزوجة : لا تنسى أن تحضر الأطفال من المدرسة.
الزوج : لن أنسى .
الزوجة : ما أخبار عملكَ؟
الزوج : - شو - .
الزوجة : العمل؟ العمل؟
الزوج : مسافر .
الزوجة : متى ؟ .
الزوج : غداً .
الزوجة : - طيب-.
الزوج : مدعون للعشاء .
الزوجة : متى ؟
الزوج : - المسا-.
الزوجة :- طيب -.
الزوج : هل ستذهبين ؟
الزوجة : للعشاء ؟
الزوج : نعم .
الزوجة : لا.
الزوج : - طيب -.
الزوجة : - أو بروح -.
الزوج : بلاها .
( يدخل عجوز يتبعه عجوز ة )
العجوز ة : إلى متى سنبقى هكذا ؟ العمر يمضي ونحن ما زلنا مخطوبين .
العجوز : إلى أن أجهز لكِ عرشكِ أيتها الأميرة .
العجوز ة : لا أريد هذا العرش الذي يفصل بين اقترانِنا . أريد فقط أن أقضي ما بقي من العمر
بقربكَ .
العجوز : لا...لا العرش أولاً للملكة فما نفع الملكة من دون العرش .
( يسرع العجوز في خطواتهِ . أصوات الزوجين في السيارة تتعالى ،يدخل المجنون)
الزوج : - بالناقص - .
الزوجة – بالناقص . بالناقص –
المجنون : لا... لا تفعلا ما فعلنا أرجوكما .. لاااااااااااااا.
( أصوات السيارات تتعالى . السيارة تصدم العجوز )
العجوز ة: لااااااااااااا ( تجلس بالقرب العجوز ) لا تدركين وحيداً في هذه الحياة
( تهز العجوز فلا يستجيب تتأكد من أنه فارق الحياة )
إنه صامتٌ لا يتكلم- لا- أرجوك لا تقل بأنك قد فارقتني وتركتني وحيدةً
إن كان القدر قد حال بيننا في الدنيا فلا تجعله يفرق بيننا في الآخرة
( تمسك بيد العجوز ) أعطني يدك َ يا عزيزي وليضم القبر روحينا
( يسحب العجوز يده بقوة من بين يدِّ العجوز ة)
العجوز : لا ... لا تقولي ذلك أيتها الغالية فأنتِ ملكة وهذا القبر لا يليق بالملكة
فيجب أن يكون قبركِ قصراً يليق بكِ . ولهذا عليكِ أن تنتظري حتى أجهز قبركِ
أيتها الملكة
العجوز ة : ( تدفع العجوز أرضاً ) - روح عنا يا – بقيت ُ العمر كله في أنتظركَ وتريدني أن
انتظرك حتى وأنتَ ميت .
( فلاش كميرة )
( أصوات رجالٍ تتعالى، عويل نساء ، المجنون يصرخ ويتحرك يميناً ويساراً )
صوت : لقد هربا من هذا الطريق .
صوت 2: أقسم بشرف العائلة الذي أصبح في الطين سأذبحكِ أيتها ...
المجنون : لا أرجوكم لا تقتلوها ، أقتلوني أنا ولا تمسها ، أنا المذنب ، أنها لم تفعل شيئاً
( صوت طلقة نارية) لاااااااااااااااااااا
لماذا هي ؟ أقتلوني أيضاً . فأنا أحبها أيضاً . ألم تقتلوها لأنها أحبتني وهربت معي
لذلك عليكم أن تقتلوني أنا أيضاً .
نعم أحبها رغم كلِّ الفوارق التي وضعتموها أنتم رغم كلِّ العادات التي
أوجدتموها
أحبها وسأظل أحبها
( يضحك وهو يردد هذه العبارة )
( فلاش كميرة) .... ظلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوحة الثامنة
( إضاءة .. تدخل فتاة ترتدي بذلة طالبة ثانوية – أول ثانوي - تحمل في يديها صورة .
يبدو عليها الانشغال ).
الفتاة : (ترقص ) إنَّ الفرحة لا تسعني اليوم . هل تعرفون لماذا ؟ سأقول لكم .
بكل بساطة أمي ستعود اليوم ، ولهذا جئتُ للمطار كي أكون في استقبالها
( تقبل الصورة) أمي الغالية اليوم أصبحت طالبة في الصف الأول الثانوي
وهذا يعني أنه حان موعد لقاءنا . هذا يعني أنه لا انتظارَ بعد اليوم ونعيش
معاً إلى الأبد . اعتباراً من هذه اللحظة سأصبح طفلتكِ المدللة
نفطر كل صباحٍ معاً , تمشطين شعري . تنظفين ثيابي ، تهتمينَ بدراستي
تزورينا مدرستي ، في آخر الليل أنام بين أحضانكِ مرتاحة البال.وأشياءً كثيرة أخرى.
( صوت طائرة تهبط. صوت مضيفة الطيران تعلن عن وصول الطائرة )
صوت المضيفة : تعلن خطوط طيران الجمهورية العربية السورية عن وصول رحلتها
رقم اثنان القادمة من الشرق . وتهنئ مسا فريها على الوصول بسلامة
وتتمنى لزوارها إقامة طيبة .
الفتاة : ( بفرح ) أنها الطائرة التي تحمل أمي أشعر بأنني أطير من الفرح ، لقد عادت أمي .
( وفود المسافرين تدخل , الفتاة تنظر إلى الصورة تقارن بينها و وبين وجوه القادمين
تصدم العديد من المسافرين تارةً تقع وتارةً أخرى تقف , لا يبقى أحد تنظر إلى الصورة
والدمع في عينيها . تجلس . يدخل المصور يتجه إلى الصندوق الخشبي ، يفتحها
يخرج الأوراق النقدية ويطيرها . يمسك بيد الفتاة يتجهان إلى عمق المسرح حيث الباب
يخرجان ويغلقان الباب ).
( فلاش كميرة )
........................ ظلام
محي الدين ارسلان - تيريج عفرين / 21 / 8 / 2007