سيـرة الأبطــال
قــالَ الـطبيـبُ والأسـى بــادٍ عـليْــهِ ..!
أبْـشِــــرْ ؛
لـديْـكَ ضـرْسُ العقــلِ نـامٍ .. لـكـنْ تـسـوَّسْ ؛
ولدَيْـــكَ النّـابُ مُنْطمِــرٌ , فـي لـثَّـةِ الـتاريـخِ ..!
مــن عصْـرِ الجَليـــدِ .. لـيوْمِنَـا هـذا تـغطْرسْ .
أمَــا الـضّـوَاحـِـــكُ ..!
فـقـدْ تـراكـمَ عليــهَا قَــلَـحُ الأحْـــزانِ .. تكــدَّسْ ,
يـا لـهُ مـنْ منْـظرٍ ..!
الـكهـوفُ ,
والـدّهَـالـيزُ ,
والأزِقَّـةُ ,
فـالـممرّاتُ .. وأطــلسْ .
أسـنانُــكَ ..!
تـبدُو شهيّــةً لـلـجائعيـنَ فـي شـرقِـنا يـا سَيّــدي ؛
بـسكويـتٌ ...
بـالـشّوكُـولا تـه .. مُغطّــسْ .
*****
قـالَ الطـبيـبُ ؛
يـزيـدُ فـي الـوَصْـفِ وحصْـحَـصْ .
وعلــى الـقَواطـعِ ..!
عـاثَ الـفسَـادُ فـترةً ؛ ثـمَّ دنَّـسْ .
هاهـيَ الآفــاتُ تـلهُو كـمَــا تـشـاءُ علـى الــثّنَـايـا ؛
علــى جـدْرانِـها .. نمَـتِ الـطّحـالــبُ ؛
وبسـرعـةِ الـبَرْقِ .. الـعُشبُ تـكلّــسْ .!
حقَّـــاً ؛
مَـا أراهُ .. مَـأتَـمٌ فـيْ فــاهِـكَ ,
الـغـانيـاتُ لبِسْــنَ ثَــوْبَ الـحِـدادِ ..!
في الـنّعْـشِ .. شُـمُّ الأنُــوفِ ؛ وأفْـطَـسْ .
وأرى الـدّمَامِــلَ ,
والــبُثورَ ؛
براكِـيــنٌ , وانْـتـــانٌ.. تـفَــرَّسْ ..!
*****
قــالَ الـطَبيـبُ ..!
بعــدَ أنْ لـبِسَ الـعَـبَـاءةَ ؛ بـيْضـاءَ تـسُــرُّ الـنـاظِريـنَ ,
وشَـــدَّ الـخُوْذةَ ,
والـبرقُــعَ ؛ ثمَّ تـمَتْـرَسْ ,
وحَـمَدْتُ ربِّــيْ أنِّـني .. لـمْ أرَ تحْــتَ إبْـطَيْـهِ مُـسَـدَّسْ .
يـا صـاحبِـي ..!
الـليْــلُ أرْخَـى سُـدولَـهُ فــي فَـاهِـكَ .. ثـمَّ عسْــعَـسْ ؛
فـفِي كُــلِّ زاويَـةٍ ..
وتحْــتَ جُنْــحِ الـظّـلامِ ؛
أرَى آثــارَ معــرَكةٍ دارَتْ رحَـاهـا ,
بـينَ الـمِــلاطِ والـغُــزَاةِ .. ودَرَّسْ .
هـاهـيَ أشــلاءُ الضحَـايَـا فـاحَـتْ بعِطْـرِهَـا ؛
وعــلى الـمِسْبَـارِ عطَّـسْ ..
فــي وَجهِــيَ ..!
تـشهـدُ الآهَـاتُ ؛
كـمْ تُــعَانِـي مــنْ وَطْــأةِ الآلامِ ..!
آنــاءَ لـيْـلٍ ؛
وأطـرافَ الـنَّهـارِ .. تَـلمَّــسْ .
أرَى فــي السِّـرْدابِ مَـقبَـرةَ الـعظــامْ ؛
عـلى شـاهِـدَةِ جنـدِيِّنــا المَـجْهـولْ ..!
وضعْــتُ إكـليــلاً ,
وتَـاجـاً ..
وكَـمَا فـي الـجَنَّـةِ سُنــدُسْ .
هَـذا أنِـينُـكَ فِـي مسْمَعَــيَّ ..
مُوسـيقَى وألحَـــانُ الـوداعِ ؛
أيُّهـا الـبُلبُـل الـغرِّيـدُ فـي رُبَـا الشّــرقِ ,
بـاللهِ علـيْـكَ ..
لا ..
لا تَـيْئـسْ .
*****
قـالَ الطَبـيـبُ ؛ بعْـدَ أن ألـقَى الأدَاةَ ..!
وأنَـا علـى الـكُـرسِيِّ ؛
كُـلِّي صَـامـتٌ , بَـلْ وأخـرسْ ؛
سَـأخَـدِّرُ أعصـابَ الـرّحَـى يـا صـاحِبـي ؛
هـذهِ الـحُقنـةُ سحريّـةٌ ,
فـي سِـرِّيَ أكْـمَلــتُ الكـلامَ :
إنَّـها نَـاعمـةٌ .. والـكفّ أملـسْ .
بكـلِّ عـزَّةٍ ..!
رفــعْتُ رأسِـي ؛
والصَّـدرُ يـعلـو ويــهْبطُ ..
مَـع " الآخِ "..!
رُحْــتُ طـويـلاً ؛ أتـنفَّـسْ .
فـي هــذهِ الـعُجـالـةِ ..
تـذكَّــرْتُ مَـنْ يـبكِي عــليَّ ؛
لـعلَّـني .. أتحَـمَّـسْ .
قـالَ الـذي فـي داخِـلي , وهْـوَ يـعُبُّ الـخوْفَ مـن سِيكـارِهِ ؛
تـأمَّـلْ ..!
أيُّـها الـشـاعـرُ الـميْهـوبُ .. !
فـي الـسّقْفِ الـمُسْتعـارِ .. ما شئْــتَ ؛
فـالـشّـرقُ شـوْكٌ وحنْـظـلٌ ؛ تـريدُهـا لنـا نـرْجِـسْ ..!
*****
قـالَ الـطّبيـبُ لـمّا شكَـا مـن ظهْـرِهِ ؛
فـاسْـتـقـامَ .. وجلّـسْ ,
وتـمْتـمَ فـي سِـرِّهِ ..!
ربَّـما أعـادَ الـحِسـابَ ؛ فـوَسْـوَسْ .
واسْـتعـانَ بـخفَّـةٍ كـما أظــنُ ؛
بصــديقٍ مُفْـترضٍ مُـتمـرّسْ ..!
تفـاءلْ أيُّهـا الـشّهْـمُ الـصّبـورُ ؛
وكـانَ ؛ كـلُّ علمِـي ..
الـقـلبُ فــي داخلِـي بـالـنّبضِ أفْـلسْ ؛
وزارتْـنِي بَـوَادِرُ الإغْمـاءِ .. والـشّعـورُ مُكبَّـلٌ ؛
نـاهيـكَ عـنْ فـرْطِ الـتحـسُّـسْ .
هـا أنَـذا أسـمَعُـهُ ؛ وكـمْ طـربْـتُ لـقـوْلِـه ..!
وعـمَّ خـطابُـهُ فـي جـسدِي ؛
مـن أعـراضِـهِ .. داءُ نـقْرسْ .
فلـديَّ متـحفَ الآثـارِ يـزْهـو بمـوميـاءِ الـمُـلوكِ ,
تُـوتٌ ؛
عِنــخُ أمُـونَ ..
تَـحُتْمُـسْ .
ثـمَّ أنـهَى حديـثهُ بحَسْـرةٍ ..!
وكـتمَ أنفـاسَـهُ وحَـبّـسْ ,
هكـذا سيـرةُ الأبــطالِ مـنْ أمثـالِـكَ ؛
تـدَوَّنُ في عيـادتـي .. وتُـكَرَّسْ .
فهنيـئاً لـك فـي الـجوْقـةِ مِـن شـرْقِنـا ..!
وسَـلامـاً .. !
فـالـسّـلامُ , والأمـانُ كلّـهُ .. فـي الكَـوْرَسْ .
*****
الاهداء :
إلى طبيب الأسنـان ولـدي ( جوان ) ومن خلالـه إلى جميع أطبـاء الأسنـان في ( عفريــن ) الحبيبـة
المهندس .. محمود الخليـل
تيريج عفرين 1 / 2 / 2011